تقييم الانتباه
تقييم الانتباه
تختلف درجة التشتت الرقمي من شخص إلى آخر، وتكمن الخطورة في التركيز على الأشكال المتطرِّفة منه وإغفال الأشكال البسيطة، وما يترتَّب عليها من عواقب وخيمة، ويمكن تقييم مقدار ذلك التشتُّت بمقدار ما يقضيه المرء من وقت على هاتفه وحاسوبه الشخصي ومواقع التواصل والإنترنت، ومن ثم تقسيم المستخدمين الرقميين إلى ثلاث مجموعات طبقًا لعدة سمات، المجموعة الأولى يتسم أصحابها بالتشتُّت الخطير نظرًا إلى الاتصال الدائم بالهاتف الذكي والإمساك به في جميع الأوقات، وتحديث الرسائل والبريد الإلكتروني على الفور وضياع الكثير من الأوقات على الإنترنت دون انتباه.
والمجموعة الثانية يتسم أصحابها بأنهم على حافة الخطر، فهم لا يشعرون بمرور وقت كبير في أثناء تصفح الإنترنت، ويقومون بالعديد من المهام في آن واحد، ويقضون وقتًا طويلًا على البريد الإلكتروني يؤجِّلون الاتصالات الهاتفية إلى حين الانتهاء من العمل، وعادةً ينصرفون عن المهام التي يقومون بها بسبب طلبات الآخرين، والمجموعة الثالثة يتسم أصحابها بالتركيز أغلب الوقت وتميل تلك المجموعة إلى استخدام منصَّة إلكترونية واحدة دون غيرها، ولا تردُّ على الرسائل على الفور وتحدِّد وقتًا للتواصل الرقمي، ونادرًا ما تتشتَّت عن أية مهمة ولديها قدرة كبيرة على البقاء غير متصلة بالهاتف ومنصات التواصل الاجتماعي.
وتؤثِّر درجة التشتُّت الرقمي في سلوكيات الأفراد على نحو كبير، لذلك لا بدَّ من تحديد درجة التشتُّت وأسبابه، ويمكن حصر تلك الأسباب بمراقبة النفس لفترة برصد سبب التشتُّت، وما المهمة التي تم تشتيت الانتباه عنها والوقت الذي حدث فيه ذلك، وفي نهاية تلك الفترة يُلقي المرء نظرة على تلك الملاحظات وملاحظة الأسباب المتكرِّرة للتخلُّص منها، وقد يشعر المرء بالغضب عند إدراك كم الوقت والجهد الذي يستهلكه منه التشتُّت الرقمي، ولكن إدراك ذلك يُسهِل اتخاذ الخطوات اللازمة لتقليل وحتى منع ذلك التشتُّت كُليًّا، مما يعود على الإنسان بالهدوء واستغلال الوقت بصورة أفضل وإنجاز الأهداف الحياتية، وقد يصعب التخلُّص من حالة التشتت الرقمي، وذلك للشعور بالأهمية الزائفة أو الانشغال أو احتياج الآخرين إلينا، وكل ذلك من أساليب الحيل النفسية لصعوبة الانقطاع بعد الاعتياد الطويل على ذلك النمط من التشتت.
يجب الإقرار بأن إدمان الإنترنت مشكلة خطيرة لما يحدثه من خسارة كبيرة للفرد في العلاقات أو مواجهة صعوبات كبيرة في الدراسة أو العمل، وهناك أمثلة توضِّح مدى تأثير إدمان الإنترنت وما آل إليه من أحداث كارثية، حيث ترك زوجان مدمنان للإنترنت في كوريا الجنوبية طفلهما البالغ ثلاثة أشهر يموت جوعًا، بينما كانا يربيان طفلًا افتراضيًّا على الإنترنت!
الفكرة من كتاب مصيدة التشتت: كيف تركز في فوضى العالم الرقمي
متى كانت آخر مرة عكفت فيها على إنجاز عمل ما بكامل تركيزك دون تشتُّت بسبب هاتفك الذكي أو بريدك الإلكتروني أو شبكات التواصل الاجتماعي؟ هذا الكتاب هو جرس الإنذار، تبيِّن فيه الكاتبة خطورة ما تفعله التكنولوجيا بأدمغتنا وذاكرتنا ووقتنا وعلاقاتنا الاجتماعية الحقيقية، وتقدِّم طريقة الإقلاع عن إدمان الوسائل الرقمية وكيفية إنجاز المهام على نحو لائق وتحسين جودة العمل والعلاقات وتحقيق الأهداف.
مؤلف كتاب مصيدة التشتت: كيف تركز في فوضى العالم الرقمي
فرانسيس بووث Frances Booth: رائدة من رواد الأعمال البارعين في مجال التكنولوجيا، نشأت في مدينة نيوكاسل بشمال إنجلترا، درست العلوم الاجتماعية والسياسية في جامعة كامبريدج، وحصلت على درجة الماجستير في الصحافة من جامعة شيفيلد، شغلت منصب صحفية لمدة ثماني سنوات بجريدتي الديلي تليجراف والجارديان، ولها العديد من المحاضرات عن التشتُّت الرقمي، وتدير موقع here are some words.
أحدث التعليقات