تقسيم العمل في عنيزة
تقسيم العمل في عنيزة
إلى جانب الأمراء والقضاة، وُجِد العلماء والفلاحون والتجار، والجماميل والصناع، وكانت هذه المهن تتوارث، كما أن بعضها كانت تحكمه اعتبارات تتعلق بالأصل والجنس، فالمجتمع في عنيزة كان مصنفًا إلى قبيلي، أي ينحدر من سلالة قبيلة معينة، وخضيري، أي أحرار لكنهم لا يستطيعون الانتساب إلى قبيلة معينة، وعبيد جرى استيرادهم من إفريقيا، وكان منصب الأمير مقصورًا على القبيلي، وبعض الحرف كدباغة الجلود وصناعة الفضة والذهب كانت مقصورة على الخضيري، وباقي المهن متاحة لجميع الرجال بصرف النظر عن الأصل والنسب، أما النساء فلم يكن باستطاعتهن أن يصبحن عالمات أو أميرات أو تاجرات أو أن يسهمن بشكل ملحوظ في الأعمال الزراعية، وبعض الأعمال الحرفية.
والانقسام في عنيزة لم يكن ناتجًا عن اختلاف الأصل والجنس فقط، بل عن وجود تفاوت في توزيع الثروة أيضًا، فقد كان أثرياء التجار في أعلى السلم، وكانوا يمتلكون الأراضي ويقدمون القروض، ويتبع كبار التجار الأمراء، ثُمَّ متوسطو التجار الذين كانوا يمتلكون الأراضي لكنهم لا يقدمون القروض، ويتبعهم صغار التجار والحرفيون، ثُمَّ صغار الفلاحين، ويقع عمال المزارع والعمال البدويون وبعض الحرفيين في أدنى السلم، وكان من الشائع في هذا الوقت الاقتراض من التجار، وإن تعثر المقترض قد يخسر وسائل الإنتاج التي يمتلكها، أو قد يضطر إلى الاقتراض من تاجر آخر لضمان استمرار حصوله على إيراد منها.
وكانت الزراعة من أهم المهن في المدينة، وقد اعتمدت على الري من مياه الآبار اعتمادًا كليًّا بواسطة طريقة تُسمى السواني، وذلك لعدم انتظام الأمطار في هذه المنطقة، وكان السكان يمتلكون الأرض عبر استصلاحها وإثبات أنها كانت بورًا ولم تكن ملكًا لأحد، أو الحصول عليها منحة من الأمير، أو الاستيلاء عليها من قبل المقرض إذا كانت قُدمت ضمانًا لبعض الديون، ولم يكن الهدف من تملكها هو الرغبة في تملكها بل إنتاج ما يحتاجون إليه من خلال زراعتها، كما لم يكن من الشائع أن يزرع ملاك الأراضي الأرض بأنفسهم، بل كان آخرون يقومون بزراعتها عبر نظام المزارعة، إذ كان يُقسم المحصول بين المالك والمزارع، وكانت المحاصيل الرئيسة هي التمر والقمح، وكان ما يتبقى من المحصول يحتفظ المزارع بجزء منه لعائلته، ويقدم جزءًا آخر ضريبةً للأمير، وما يتبقى يطرح للبيع في السوق.
الفكرة من كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
عند ذكر تاريخ المملكة العربية السعودية تتبادر إلى الذهن مساحة شاسعة من الصحراء، تفتقر إلى أي نوع من أنواع التنظيم الاجتماعي والسياسي، وينقسم سكانها إلى قبائل ترعى الإبل والأغنام، أي مجتمع لم يعرف حياة الحضر حتى ظهور النفط، ولكن هذا مفهوم خاطئ، فالحياة البدوية تُعد عنصرًا واحدًا من عناصر المجتمع السعودي القديم، إذ كانت هناك مدن مستقرة تعتمد على الزراعة والإنتاج الحرفي والتجارة، منها مدينة عنيزة، التي سنتعرف إلى مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها قديمًا، كما سنتتبع التحولات التي شهدتها المدينة بعد قيام الدولة الجديدة.
مؤلف كتاب عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية
دونالد كول: أستاذ فخري في الأنثروبولوجيا في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة تكساس في عام 1963م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير في عام 1968م، ثُمَّ درجة الدكتوراه في عام 1971م من جامعة كاليفورنيا، انضم إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1971م، وأجرى أبحاثًا ميدانية واسعة النطاق في المملكة العربية السعودية ومصر، صدرت له عِدَّة مؤلفات، منها:
أهل مطروح: البدو والمستوطنون والذين يقضون العطلات.
الطريق إلى الإسلام: من تكساس إلى المملكة العربية السعودية ومصر.
معلومات عن المترجمين:
د. جَلَال أمِين: عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في عام 1955م، ثُمَّ حصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، وفي عام 1965م شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، ثُمَّ عمل مستشارًا اقتصاديًّا للصندوق الكويتي للتنمية في عام 1974م، كما عمل أستاذًا زائرًا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في عام 1978م، وأستاذًا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في عام 1979م، وله عِدَّة مؤلفات، منها:
خرافة التقدم والتأخر.
عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر.
ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945 إلى 1995.
أ. أسْعَد حَلِيم: مُترجم، ترجم عِدَّة مؤلفات، منها:
الرؤيا الإبداعية.
روح الشعب الأسود.
الخيارات الذكية: دليل عملي لاتخاذ قرارات أفضل.