تغير العقل ظاهرة عالمية
تغير العقل ظاهرة عالمية
لا شك أن العالم ينتشي الآن بهذا التقدم التكنولوجي الكبير، فالعقل البشري كائن فريد وليس هناك حدود لطاقته الإبداعية، ولكن يبقى التساؤل حول إمكانية الانتقال السلس لعملية التفكير العقلي حتى تواكب متغيرات المستقبل، وكيف يمكن للأجيال القادمة أن تحقق نوعًا ما من التكيف مع أنماط الحياة التي تجلبها لنا التكنولوجيا، فالحياة اليومية المتمركزة حول المنتجات الرقمية اليوم قد تفضي إلى تغيير، ليس فقط مظاهر الحياة اليومية، بل أنماط التفكير الداخلية على نحو لم يسبق له مثيل!
ربما نحن الآن نواجه ما يسمى بالحرائق الرقمية التي تلتهم مع الوقت كل مظاهر الحياة التقليدية، لتؤسس عالمها الجديد على أنقاض العالم التقليدي القديم، والبعض قد يرى ذلك نوعًا من الهيستيريا الحمقاء المبالغ فيها تجاه التقنيات الرقمية الوافدة على حياتنا المعاصرة، فنحن نملك من العقلانية القدر الذي يمكننا من عدم ترك المجال مفتوحًا أمام الثقافة السيبرانية الجديدة لتخطف الحياة اليومية، ولكن تلك الحجة العقلانية لا تصمد كثيرًا أمام اختبارات التاريخ.
ونتيجة لتلك التغيرات المتسارعة أصبح الانتقال إلى المستقبل الرقمي مسألة وقت ليس إلا، فالعالم اليوم يسير بخطى ثابتة ناحية التحول نحو الكون الرقمي، فنحن اليوم أصبحنا أقرب إلى وصف المهاجرين الرقميين، فإن كانت لا تزال إحدى قدمينا لم تبرح بعدُ الحياة التقليدية ولا نزال نَحنُّ لجذورنا البيولوجية، فإن القدم الأخرى قد ولجت بالفعل في العالم الرقمي الحديث، فنحن الآن على مشارف العبور إلى حياة رقمية أكثر تحررًا من تلك القيود والأعراف المحلية والبناء الهرمي للسلطة المركزية ولا تعترف حتى بحدود الزمكان، لذا ستظل القضية الرئيسة هي كيف يمكننا أن نستوعب داخليًّا ما يحدث حولنا في أثناء تلك الهجرة أو العبور الرقمي من عالم الأمس التقليدي إلى عالم الغد السيبراني؟!
الفكرة من كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
“إن الأجهزة والتقنيات الرقمية، كشأن الأطعمة، بعضها أشد ضررًا أو أكثر نفعًا من البعض الآخر، وعلى ذلك إذا أردنا أن نتجنَّب أضرارها ونجني فوائدها، فعلينا أن نفهم أولًا كيف تؤثِّر هذه الأجهزة في أدمغتنا”.
يعدُّ هذا الكتاب خطوةً على طريق استشراف المستقبل الرقمي وآثاره في البشر، فهو يرصد وقائع هذا الزمن غير المسبوق، ويلقي بالظلال على ميكانيزم عمل الدماغ البشرية، ومن ثم يوضح أثر وسائل التواصل الاجتماعي في الوجدان البشري، وكذلك يحلل الأثر الناتج عن الألعاب الإلكترونية على الدماغ البشري.
مؤلف كتاب تغيُّر العقل: كيف تترك التقنيات الرقمية بصماتها على أدمغتنا؟
سوزان أديل غرينفيلد (Susan Adele Greenfield): عالمة وكاتبة ومذيعة بريطانية وعضو مجلس اللوردات، وُلدت في لندن عام 1950 وهي تعمل وتعيش في أكسفورد، تخرجت في قسم علم النفس عام 1973، وحصلت على درجة الماجستير عام 1974 في الآداب من جامعة أكسفورد، ثم درجة الدكتوراه من نفس الجامعة عام 1977.
كما حصلت على 23 درجة شرفية والعديد من الزمالات البحثية من الجامعات البريطانية والدولية المختلفة، تعمل حاليًّا زميلًا بحثيًّا أول في كلية لينكولن بجامعة أكسفورد، وترأس فريقًا متعدد التخصصات لدراسة آليات الدماغ المتعلقة ببعض الأمراض مثل داء الزهايمر وداء باركنسون.
لها العديد من الكتب والمؤلفات منها: “الحياة الخاصة للدماغ”، و”العقل البشري”، و”يوم في حياة الدماغ”.