تعلم الحساب والعلوم

تعلم الحساب والعلوم
نستكمل حديثنا مع المهارة الأساسية الثالثة بعد القراءة والكتابة وهي الحساب، وهي تختلف قليلًا عنهما، إذ تلعب العوامل الجينية دورًا كبيرًا في مستوى التحصيل والقدرة الحسابية للطلاب، لذا من المهم للمعلم إدراك أن الطلاب يبدؤون رحلتهم مع الحساب من نقاط مختلفة، ومهمته أن يراعي كل الطلاب ويقدم لكل منهم المسار الذي يناسبه، وإذا أردنا أن نعبر عن اختلاف مستويات الطلاب في الحساب فسيظهر لنا منحنًى بياني على شكل جرس، أي إن هناك نسبة صغيرة على اليمين واليسار تمثل الفائقين ومن يعانون صعوبات في تعلم الحساب، أما قمة الجرس فتعبر عن أصحاب المستوى المتوسط، وهم النسبة الأكبر من الطلاب.

هذا عن الحساب، فماذا عن العلوم؟ العلوم تسلك مسلكًا مختلفًا عن الحساب، إذ نجد العامل المهيمن في سنوات الطفولة هو العامل الجيني، ثم يتغير الأمر في المرحلة الثانوية لتصبح العوامل البيئية صاحبة الدور الأكبر، فيا ترى ما السبب وراء هذا التغير؟ يرجع ذلك إلى اختلاف طبيعة العلوم التي تُدرس في كل من المرحلة الابتدائية والثانوية، ففي المرحلة الابتدائية تأتي دروس العلوم في شكل أقرب إلى دروس القراءة، أي تعتمد على الحفظ والاسترجاع، والقراءة في المرحلة الابتدائية تتأثر كثيرًا بالعوامل الجينية وهكذا تتبعها العلوم، أما في المرحلة الثانوية فتكون أقرب إلى العلم الحقيقي الذي يعتمد على التجارب والأدلة والتحليل والفهم، وكلها أشياء تتأثر بالعوامل البيئية والإمكانيات المتاحة للتعلم، كما أشارت الدراسات إلى الأهمية البالغة لبيئة المنزل في التأثير في مستوى الطلاب في العلوم، فالبيت المهتم بالعلم ولا يخلو من تبادل الآراء والنقاشات العلمية تتطور قدرات أبنائه بشكل ملحوظ.
الآن قد تعرضنا لمهارات القراءة والكتابة والعلوم والحساب، ولكن هل ينبغي للأنظمة التعليمية أن تقف هنا؟ بالطبع لا! فما زالت جوانب عديدة لا بد أن تهتم الأنظمة التعليمية بتطويرها لدى الطلاب مثل اللياقة البدنية، وللياقة البدنية أثر كبير في صحة الطلاب ونشاطهم، ومن ثم قدرتهم على التحصيل، فكما يقولون “العقل السليم في الجسم السليم”، كما أنها تزيد من هرمونات السعادة كالدوبامين وتقلل من التعرض للتدخين وغيره من العادات السلبية، وكذلك تنمي روح العمل الجماعي والثقة والدافعية والحس التنافسي، لذا من المهم أن يوفر النظام التعليمي أنشطة بدنية مشتركة للطلاب الأصغر سنًّا، ثم يعرض مجموعة من الأنشطة المختلفة لمن هم أكبر ويتيح لهم الاختيار بما يتوافق مع ميولهم وقدراتهم.
الفكرة من كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
لا بد أنك مررت بدروس الجينات والـDNA والصفات الوراثية في مادة الأحياء، ولكن هل لهذا علاقة بالتعلم؟ وهل يمكن للجينات أن تساعدنا على إنشاء أنظمة تعليمية أفضل؟ ولأي شيء يخضع المستوى الدراسي للطلاب؟ للجينات أم العوامل البيئية المحيطة؟ وهل للنجاح والفشل جين محدد سحري يمكنه قلب حياتنا رأسًا على عقب؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سيجيبنا عنها علم الوراثة السلوكي، فدعونا نبدأ.
مؤلف كتاب الجينات والتعليم.. تأثير الجينات على التعليم والتحصيل الدراسي
كاثرين آسبري: مُحاضِرة بمركز علم النفس والتعليم في جامعة يورك بالمملكة المتحدة، مهتمة بتأثير بيئة المنزل والمدرسة في مستوى تحصيل الأطفال وسلوكياتهم ومدى سعادتهم، ولها عديد من الأبحاث في هذا المجال.
روبرت بلومين: عالم أمريكي متخصص في مجالي الوراثة وعلم النفس، اشتهر بعمله في دراسات التوائم وعلم الوراثة السلوكية، وهو أستاذ علم الجينات السلوكي بمركز الطب النفسي الاجتماعي والجيني والتنموي بمجلس الأبحاث الطبية في جامعة كينجز كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، وله أكثر من ٥٠٠ بحثٍ وأكثر من عشرة كتب في عِلْم الجينات السلوكي، ومن مؤلفاته:
Blueprint
Behavioral genetics
معلومات عن المترجم:
ضياء ورَّاد: حصل على ليسانس الآداب والتربية عام 2006، عمل في الترجمة وتحرير اللغة الإنجليزية، وترجم لمؤسسات مثل مكتبة جرير ومؤسسة هنداوي، ومن أعماله:
الكون الرقمي.. الثورة العالمية في الاتصالات.
علم النفس الشرعي.. مقدمة قصيرة جدًّا.
أصوات حيوية.. نساء يغيرن العالم.