تعارض مزعوم بين الإسلام والقيم الغربية
تعارض مزعوم بين الإسلام والقيم الغربية
القلق من الإسلام واقع تعيشه جميع الدول الأوروبية، غير أن هذا القلق يتكيَّف ويُرى حسب الثقافة السياسية لكل بلد على حدة، فكل دولة أوروبية تعزو للإسلام عنصرًا منفِّرًا لا يتوافق مع الثقافة الغربية ومختلفًا عن الدول الأوروبية الأخرى.
فالحجاب الذي يمثِّل صُلب الرفض الفرنسي للإسلام لا يمثِّل أي مشكلة في بريطانيا التي في المقابل تمنع الذبح الحلال وَفق الشريعة الإسلامية، في حين أن شكل الذبح وفق الشعائر الإسلامية لا يُسبب أي مشكلة في فرنسا، والسبب راجع إلى أن قضية حماية الحيوانات في دول شمال أوروبا وثيقة الصلة بالدفاع عن حقوق الإنسان، وهو ما تراه دول جنوب أوروبا كفرنسا أنه أمر غير معقول أن يتم الربط بين حماية الحيوانات وحقوق الإنسان.
ومن هنا نرى أن رفض الإسلام من جانب الدول الأوروبية يتخذ أشكالًا متباينة جدًّا من بلد إلى آخر، ما يعني أنه إذا أخذنا ما يُظهر الإسلام متعارضًا مع دول الغرب كلٍّ منها على حِدة، فلن يكون هناك أي شكل من أشكال التعارض، بما في ذلك قضية المرأة، حيث يرى مرشَّح اللجنة الأوروبية في إيطاليا أن مكان المرأة هو البيت.
لذا لكي يتم فهم موقع الإسلام في أوروبا فلا بدَّ من الذهاب إلى ما يتعدَّى العلمانية على الطريقة الفرنسية الضيقة، والتي تُعدُّ استثناءً في أوروبا، فهي علمانية محلية تتعلق بخصوصية فرنسا، ومتصلة بهويتها التاريخية، وصراع الدولة مع الكنيسة الكاثوليكية ورجال الدين.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلمانية
إن المشكلة في فرنسا ليست في الإسلام ذاته، بل في إشكال عودة الدين الإسلامي المُعاصر المُغرَّب، حيث كان مُسلمو السبعينيات صامتين، ومع بداية التسعينيات شرَعَ المسلمون في الكلام بصفتهم مسلمين، ومن هنا أصبح يُنظر إلى الإسلام كونه عاملًا كامنًا قادرًا على إحداث تغيير جذري في المجتمع الفرنسي، لذلك تريد فرنسا إسلامًا علمانيًّا، ومسلمين علمانيين، أي إسلامًا على الطريقة الفرنسية، فحين تنظر فرنسا في مرآة الإسلام ترى أنها تعيش أزمة هويَّة.
مؤلف كتاب الإسلام والعلمانية
أوليفييه روا Olivier Roy: كاتب وباحث فرنسي، متخصص في الشؤون الإسلامية.
صدر له عدد من الكتب، منها:
الجهل المقدس.
عولمة الإسلام.
تجربة الإسلام السياسي.