تعارض أم تداخل؟
تعارض أم تداخل؟
لفهم التداخل بين الدين والعلم، يوجد ثلاثة نطاقات؛ الأول: ما اختص به الوحي دون العلم الطبيعي كالجنة والنار والمعجزات والخوارق والغيب وأفعال الله من خلق للكون وغير ذلك، إذ ليس للعلم المادي في ذلك قولٌ ولا ثقة به إلا بالوحي الصادق، وقد اعترف بهذا “جيري كوين” الذي أقر أنه من الصعب جدًّا دراسة نشأة الحياة إذ لم نكن موجودين حينذاك! أما النطاق الثاني فهو ما لم يرد فيه الوحي بقول وليس من أمور الغيب، بل هو مما يمكن قياسه على قوانين الكون وسننه وكل ما يدخل في نطاق الحس والتجربة والمشاهدة، فيقف الدين منه موقف الحياد دون انحياز لرأي.
أما النطاق الثالث والأخير وهو سبب النزاع فهو ما كان من مسائل العلم الطبيعي وورد فيه نص من الوحي، وينحل الإشكال الحادث بفهم جوهر النظرية العلمية التجريبية وقابلية العلم للتنبؤ واختبار صدق نتائجه، من هنا يطالب فيلسوف العلوم الأشهر في القرن العشرين “كارل بوبر” بالتخلي عن مفهوم اليقين التام في نتائج العلم التجريبي، فالعلم في بحث دائم عن الحقيقة، ويشبه “بوبر” الحقيقة بقمة جبل مغلفة بالسحب والغيوم يواجه متسلِّقه الصعوبات، ويعجز عن التمييز بين القمة الحقيقية والقمم الثانوية، ومع هذا لا يؤثر ذلك في الوجود الموضوعي لقمة الجبل، وبناءً على ذلك فإن النظرية العلمية -أي نظرية- صحيحة مؤقتًا حتى يثبت خطؤها.
وهذا النطاق الأخير الذي يتداخل فيه الدين والعلم معًا في بعض المسائل ففيه قسمان: الأول ما اتفق فيه ما دل عليه الوحي مع ما وصل إليه العلم كما في ثبوت فوائد عسل النحل وكونه شفاءً للناس، والقسم الثاني هو ما تُوهِّم التعارض فيه بين نصوص الوحي ومعطيات العلم الطبيعي، وقد سبق التأكيد أنه لا يقع التعارض ومصدرهما واحد إلا ظاهريًّا، والواجب في هذا أن ننظر في مراتب الأدلة ونرجح القوي منها على الضعيف، فليست الأدلة كلها على مرتبة واحدة في الحجة كما تقرر.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلم
ما الإنسان؟ وما طبيعته؟ هناك رؤيتان مختلفتان لفَهم طبيعة الإنسان وماهيته، الأولى مادية محضة تنفي وجود الروح، والثانية مثبتة للروح مؤمنة بوجودها، وينبني عن هذا الاختلاف توابع كثيرة في عدة قضايا منها: بدء الحياة ونهايتها.
يقدِّم هذا الكتاب خارطة منهجية للتعامل مع القضايا التي يتداخل فيها العلم والدين، مستقصيًا أسباب ودوافع الخلاف الناشئ بين العلم والإيمان، متناولًا أشهر القضايا المتداخلة بينهما وتفصيلها والجواب عنها.
مؤلف كتاب الإسلام والعلم
هشام عزمي: باحث في ملف الإلحاد وطبيب مصري، ويعمل حاليًّا مدير وحدة العناية المركزة الجراحية في مستشفى كفر الشيخ، ويدير قسم الإلحاد في مركز الفتح للبحوث والدراسات، وأسهم في تأسيس مركز براهين ومنتدى التوحيد.
ومن مؤلفاته: «الإلحاد للمبتدئين.. دليلك المختصر للحوار بين الإيمان والإلحاد»، و«التطور الموجه بين العلم والدين».