تطوُّر الشعر والمسرحية والأقصوصة
تطوُّر الشعر والمسرحية والأقصوصة
لقد كان الشعر في تلك الفترة أكثر الوسائل الفنية رسوخًا وانتشارًا، وذلك لأنه تحت الظروف التي يعيشها عرب الأرض المحتلة كان انتشار القصة القصيرة والروايات صعبًا، فتجد أن الأعمال النثرية من الروايات التي عُثر عليها نادرة للغاية ويرجع ذلك إلى صعوبة كتابة الروايات، كما أنها تجلب لصاحبها الكثير من المشكلات على عكس الشعر الذي كان يميل إلى الرمزية، ولقد تطور الشعر بسرعة كبيرة في فترة قصيرة حتى إن كنفاني أبدى دهشته من تطوُّر شعر محمود درويش، فقد وصفه بالضعف في البناء الفني وما لبث أن مدحه بشدة وأبدى إعجابه بمدى سرعة تطوره بعد سجنه وقدم نماذج من شعره قبل سجنه وبعده أظهرت ذلك بوضوح.
لقد استطاعت تجارب شعراء المقاومة من تطوير الشعر إلى الصيغة المعاصرة الحديثة، إذ جرت التطوُّرات بالشكل والمضمون في اتساق وانسجام، ويعرض الكاتب نماذج كثيرة من الأشعار من أبرزها قصيدة “طفل من شعبي” لـ “حنا أبو حنا”، فقد كانت مهداة إلى طفل وصديقه تسلقا جدار السجن لرؤية أحد المعتقلين، أيضًا قصيدة “السجن والكفاح” لـ “محمود دسوقي” التي يقول مطلعها:
لن يُرهبَ السجنُ أحرارًا لنا سُجنوا
أو عُذبوا بنواحي الأرض واعتُقلوا
إن أدب المقاومة غزير الإنتاج، ويظهر ذلك في مسرحية “بيت الجنون” لتوفيق فياض من خلال صيغة فنية متطورة، فقد كانت مسرحية من فصلين لبطل واحد يدعى سامي، وشكلت المسرحية حلقة الحوار الثقافي والسياسي القائم بين المثقفين العرب في الأرض المحتلة، وفيما يخص الأقصوصة فقد عرض كنفاني قصة “وأخيرًا نور اللوز” لـ “أبو سلام”، وبالرغم من عدم كثرة الأعمال النثرية من المسرحيات والأقصوصة، فإن النماذج التي وصلت إلينا شكَّلت تطورًا ضخمًا وسريعًا في مهارات الأدباء والكُتَّاب الفلسطينيين.
الفكرة من كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
قلما تجد شاعرًا عربيًّا غابت القدس أو القضية الفلسطينية عن أعماله، وقد كانت القضية الفلسطينية -وما زالت- مصدرَ إلهامٍ لكثير من الأدباء والشعراء في مختلف الأزمان والعصور.
ويُعدُّ هذا الكتاب -الذي بين أيدينا- دراسة أدبية تحليلية لأدب المقاومة الفلسطيني تحت الاحتلال منذ النكبة وحتى عام 1968، وهو من أوَّل الكتب التي اهتمت بتعقُّب واستقصاء وتأريخ تلك الفترة، حيث يستعرض غسان كنفاني الصعوبات التي واجهها الأدباء والمثقفون في ظل تلك الظروف القاسية، وكيف أن الحصار لم يزدهم إلا تشبثًا بهويتهم وبتراثهم العربي الأصيل، مُسلطًا الضوء على مساوئ الاحتلال وجرائمه في حق التراث الإسلامي الفلسطيني.
فهيَّا بنا نتعرف على الوضع الثقافي بفلسطين المحتلة خلال تلك السنوات!!
مؤلف كتاب الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الاحتلال 1948 – 1968
غسان كنفاني (1936 -1972): روائي، وقاص، وصحفي فلسطيني، ويعدُّ أحد أشهر الكُتَّاب والصحفيين في القرن العشرين. اهتم بالكتابة على نحو خاص بمواضيع التحرُّر الفلسطيني، كما كان عضوًا بالمكتب السياسي “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، ولا يخفى على أحد أنه أوَّل من تحدث عن شعراء المقاومة وأشعارهم ونشر عنهم بالعالم العربي، ولم تخل أي مقالة كتبها من معلومات عن شعراء الأرض المحتلة.
من أبرز مؤلفاته: “عالم ليس لنا”، و”أرض البرتقال الحزين”، و”عائد إلى حيفا”، و”جسر إلى الأبد”، و”رجال في الشمس”، و”ما تبقى لكم” و”القميص المسروق”.