تطور علم النفس ومدارسه
تطور علم النفس ومدارسه
تطور علم النفس خلال ثلاث مراحل كبرى بدأت بالمدرسة الفلسفية اليونانية وإليها يُعزى مفهوم النفس كوصف للجوانب اللابدنية من السلوك البشري، ولكن غلب فيها التأمل على التجربة والتجريد والمثالية على الوقائع، وقدم علماء الحضارة الإسلامية تفسيرات قريبة من الروح العلمية لبعض المشكلات السلوكية، فألَّف ابن أبي الأشعث كتابًا عن “الملانخوليا”، وخصَّص ابن سينا فصولًا عن أمراض القلق والهستيريا والسوداوية (الاكتئاب)، وحاز قصب السبق في الخروج عن التأمل إلى الممارسة وتقديم محاولات علاجية جادة، وتبدأ المرحلة الثانية في منتصف القرن الثامن عشر بانفصال علم النفس عن الفلسفة واللاهوت وارتباطه بالطب والفسيولوجيا مستفيدًا من دراسات الإحساس اللمسي لفيبر، ثُم إنشاء أول معمل لعلم النفس على يد فونت الذي كتب “أسس علم النفس الفزيولوجي”، ثم ثارت الاعتراضات على تبعية علم النفس للوظائف العضوية ليستقل ذاتيًّا في منهجه وموضوعه بالتزامن مع المرحلة الثالثة.
ولعلم النفس مدارس حسب نظرة أصحابها للسلوك البشري، أهمها: الاتجاه السلوكي الذي ينظر إلى السلوك كنتاج للبيئة الخارجية، ومن ثَمَّ يعتمد على التجارب الكاشفة عن كيفية اكتساب السلوك من البيئة، ومن روادها بافلوف وواطسون، ومدرسة التحليل النفسي وترى السلوك انعكاسًا لقوى داخلية ودوافع لا شعورية وغرائز بدائية منذ الطفولة، وروادها فرويد ويونج وأدلر، والاتجاه الجشتالتي (وهي لفظة ألمانية تعني الصيغة الكلية)، وينظر إلى السلوك ككل لا كوحدات مستقلة كالمدرسة السلوكية، وروادها فرتهيمر وكوهلر، والاتجاه المعرفي لجان بياجيه حيث يؤكد دور العمليات المعرفية كالوعي والذكاء والقيم في توجيه سلوك الإنسان، وزيادة إدراكه للواقع بزيادة تلك العمليات وإن كانت لا تخضع للملاحظة، وتأثير البيئة في الإنسان مرتبط بدرجة الوعي بها ويتفاوت خلال مراحل الارتقاء، ويندرج تحته الاتجاه الوجودي، أما الاتجاه الإنساني فهو مزيج بين التحليل النفسي والسلوكية، وينطلق من الاعتقاد بوجود قوة فطرية توجه الإنسان ناحية الخير والارتقاء وتحقيق الذات، ووظيفة علم النفس تحفيز هذه الجوانب، ويمثل هذا الاتجاه أبراهام ماسلو، وكارل روجرز وبيرلز، ولا يمكن القطع بالصواب أو الخطأ لمدرسة بعينها، واتجاه أغلب النفسيين الآن هو اتجاه توافقي بينها لما في صالح المريض أو الهدف المطلوب.
الفكرة من كتاب الإنسان وعلم النفس
إنَّ ما نعرفه عن الإنسان أقل بكثير مما نعرفه عن العالم المادي، وكم من رجل يستطيع قيادة سيارته بسهولة ولكن ليس له حظ في قيادة ذاته وتقييم تصرفاته، ورغم ذلك باتت بحوث علم النفس تقدِّم اقتراحات لتحسين مستوى الحياة والتعامل مع مشكلات البيئة والمجتمع، وما اجتمع لعالم النفس اليوم يجعله قادرًا على أن يقدم مشورته في كل مجالات الحياة تقريبًا، وأن يعطي استبصارات يمكن توظيفها لخدمة الإنسان في بنائه النفسي والصحي وعلاقاته بالآخرين، ويقدم العالم الجليل الدكتور عبد الستار إبراهيم إطلالة عامة على المراحل التاريخية التي مر بها علم النفس وكيف يتم إنتاج العلم داخل حقل علم النفس الحديث، وتقاطعات أبحاثه مع أطوار الإنسان العمرية المتواترة والمشاكل التي تعترض كل مرحلة، وعلاقته مع البيئة والمكان والمجتمع.
مؤلف كتاب الإنسان وعلم النفس
الدكتور عبد الستار إبراهيم: ولد بالأقصر عام ١٩٣٩، وتخرج في قسم علم النفس جامعة عين شمس، وحاز الدكتوراه من جامعة القاهرة، وعمل زميلًا زائرًا بجامعة ميشيغان بأمريكا، ومستشارًا نفسيًّا لعدد من العيادات النفسية في مصر والولايات المتحدة، ويعمل حاليًّا أستاذًا بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وله بحوث منشورة في عدد من المجلات العربية والأجنبية، وله مؤلفات منها:
– علم النفس الإكلينيكي في ميدان الطب النفسي.
– السعادة في عالم مشحون بالتوتر وضغوط الحياة.