تطور الفكر السياسي الأمريكي من الليبرالية الى البراغماتية
تطور الفكر السياسي الأمريكي من الليبرالية الى البراغماتية
رغم عدم تجانس هويات المؤسسين الأوائل في أمريكا، امتزجت أفكارهم فولَّدت مبادئ شكلت دعائم الفكر السياسي الأمريكي في عصر النهضة، أهمها مبدأ الحرية الفردية وتعني حرية الأفراد في التملك والاعتقاد مع احترام حقوق الآخرين وحرياتهم، وأن الدولة تستمد شرعيتها من الشعب -طبقًا لنظرية العقد الاجتماعي- لتكون هي السلطة العليا المسؤولة عن حماية حريات الأفراد، وتحقيق المساواة بينهم في إطار القانون.
طوال عصر النهضة ساد مناخ فكري قوامه الحرية والمساواة، حتى انقلبت الأمور عندما اندلعت الحرب الأهلية بين الرأسمالية الصناعية في الشمال والرأسمالية الزراعية في الجنوب، انتهت بانتصار الشمال وصعود الطبقة البرجوازية بما تمثله من قيم المجتمع الصناعي الاحتكاري، وهكذا سقط مفهوم الحرية الفردية بسبب إعادة تشكيل الدولة لصالح عمالقة الصناعة الذين تحكموا في الحياة السياسية والفكرية.
وتدريجيًّا تحول الفكر الأمريكي إلى فكر براغماتي قائم على تمجيد المنفعة بوصفها معيارًا للأخلاق ويدعو إلى تعظيم الذات وإقصاء الآخرين، وقد أصبح هذا الفكر أداة الطبقة الصناعية في تبرير نهجها الأناني، وتبعًا لذلك تحولت قضية الحرية الفردية من مفهوم سياسي إلى مفهوم اقتصادي يقتصر على حرية الفرد في تحقيق مصالحه الذاتية، ثم تبلورت الفلسفة البراغماتية عندما تأثرت بنظرية التطور لداروين، وبخاصّة “مبدأ البقاء للأصلح” الذي استخدمه البراغماتيون لتبرير الصراع الاجتماعي والاقتصادي واعتبار من يصمد خلال هذا الصراع هو الأصلح للبقاء بفضل قوته المالية والصناعية، ونتيجة لذلك ساد مفهوم التسليم للفوارق الاجتماعية والدولية باعتبارها حتمية طبيعية، ومن ثم التسليم بأن أمريكا هي الأصلح من بين الدول للهيمنة على العالم.
الفكرة من كتاب الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية
هذا الكتاب دراسة لظاهرة سياسية فريدة من نوعها، وهي ارتقاء أمريكا من مجتمع غير حضاري، نشأ من هجرات بشرية غير متجانسة فكريًّا أو حضاريًّا أو ثقافيًّا، إلى إمبراطورية وقوة عالمية ليس لها نظير. ويناقش الكتاب دور العقيدة الدينية للمؤسسين الأوائل في نشأة الفكر السياسي الأمريكي، كما يتناول تحليل النزعة البراغماتية للشخصية الأمريكية ومدى تأثيرها في سياستها الخارجية وعلاقاتها الدولية. ويتتبع الكتاب التوسعات الأمريكية داخل القارة وخارجها في مسيرتها للهيمنة العالمية، والتحديات التي واجهتها، ومدى تأثير ذلك في صياغة العقيدة العسكرية الأمريكية لحماية أمنها القومي.
مؤلف كتاب الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية
الدكتور عبد القادر محمد فهمي: ولد عام 1951 في بغداد، عمل أستاذًا للعلاقات الدولية والاستراتيجية في كلية العلوم السياسية جامعة بغداد، وهو عضو في الجمعية العربية للعلوم السياسية، وله العديد من البحوث والدراسات في مجال اختصاصه، منها:
“النظام السياسي الدولي: دراسة في الأصول النظرية والخصائص المعاصرة“.
“النظام الإقليمي الشرق أوسطي: الإشكاليات الفكرية والمنهجية“.
“الصراع الدولي وانعكاساته على الصراعات الإقليمية“.