تصنيم المرأة
تصنيم المرأة
إن وضع المرأة اليوم هو نتاج لفهم قديم جدًّا قدم التاريخ، ونتاج لقولبة وُضعت فيها المرأة وتصرَّفت هي وفقًا لها، فحُوصرت فيها حتى اليوم، منذ القدم نشأت المرأة -والرجل كذلك- على أن جمالها محصور في جسدها فقط وهو رأس مالها الوحيد! لماذا قلنا الرجل؟ لأن الرجل أيضًا تأثر بهذه القولبة فأصبح لا يرى ولا يقدِّر في المرأة جمالًا غير الجمال الجسدي وأصبحت المرأة تتصرَّف وفقًا لذلك، اقرأ الأشعار والسير والملاحم والبطولات والأرواح التي كانت تُبذَل في سبيل رضا سيدات الحسن والجمال!
بل حتى التحوُّلات على مدار الأزمنة تؤكد ذلك بصورة فجَّة، انظر إلى التحوُّل في الفن الإغريقي مثلًا، فبعد أن كان رمز الجمال لديه مُجسدًا في الرجل، استبدل بجسد الأنثى، والحال لا يختلف كثيرًا عن حالنا اليوم إلا باختلاف الإمكانيات، بل هي اليوم بشكل واضح وصريح، في الإعلانات في التلفاز، وفي الشارع على اللوحات، وفي كل مكان، يتم اختيار المرأة ذات الجسد والقوام الممشوق المُحدَّد بمعايير جمالية معينة هي المعيار والنسق الذي زُرِع في وعي كل امرأة حتمية أن تسير وفقه وإلا فليست بالجميلة! لقد تم اختزال كل معاني الجمال في الجسد، وبشكل طبيعي بدأ الانشغال بالجنس يتصدَّر المشهد شيئًا فشيئًا مواكبةً لتداعيات القولبة والصناعة التجميلية، فلم تُحصر المرأة وحدها، بل حُصِر الرجل معها أيضًا.
ولكي نحرِّر المرأة والرجل معًا من عبودية هذه الأصنام فلا بد من تأصيل مجتمعي عميق، لنقتلع عبودية تلك الأصنام من جذورها، ونوسِّع أفق المرأة في نظرتها إلى نفسها كإنسان مُكرَّم عامل منتج مُستخلف، وفي نظرة الرجل إليها كشريك له على هذه الأرض وجزء منه مكمِّل له، وفي دورهما معًا في النهوض بهذه الأمة بفهم العالم من حولهم والعمل على تغييره وإرساء القواعد الربَّانية فيه.
الفكرة من كتاب فلسفة الزي الإسلامي
تصوُّر القضايا الإسلامية بشكل مفصل وبإسقاط على الواقع المعيش يساعد على فهم مقاصد وغايات تلك القضايا والتشريعات الإسلامية، والنظر إليها من أفق أوسع وفهم التشابك الحاصل في الواقع يجعلها تنزل على القلب الصادق والعقل المنصف منزلها الصحيح، ننظر هنا مع الكاتب إلى قضية الزي الإسلامي نظرة مفصَّلة واعية واقعية لنرى الصورة بشكل أوضح.
مؤلف كتاب فلسفة الزي الإسلامي
أحمد الأبيض: طبيب وباحث في القضايا الاجتماعية، أثناء المرحلة الجامعية أسهم في تحريك الحياة الثقافية والعلمية في الجامعة في تونس، فكان يقوم بتقديم المحاضرات العلمية في مختلف الكليات وفي النوادي الثقافية أيضًا، له العديد من المؤلفات منها:
أشكال التعبير.
فن حوار الأنوثة والذكورة.
فلسفة الدعاء.