تصاعد عمليات التطهير
تصاعد عمليات التطهير
منذ لحظة بدء تطبيق الهدنة التي أعلنت رسميًّا في 8 حزيران/يونيو 1948، كان الهدم جزءًا أساسيًّا في النشاط الصهيوني؛ إذ قام خلالها بعمليات تدمير هائلة لعدد من القرى، وكثير منها بانتهاء الهدنة يوم 8 تموز/يوليو من نفس العام قد أزيل من الوجود، وبانتهائها أيضًا احتاج وسيط الأمم المتحدة “الكونت فولك برنادوت” إلى 10 أيام أخرى لترتيب هدنة جديدة، وفي اليوم التالي نشب قتال متفرِّق بين الجيش الإسرائيلي والوحدات العسكرية العربية، ولم يمر أقل من أسبوعين على بدئه حتى طُرد مئات الآلاف من الفلسطينيين، وكان نتاج خطة الأمم المتحدة للسلام، الوحيد هو إرعاب المدنيين بحرب نفسية، وقصف عنيف وطرد ورؤية أقارب يُعدمون، وأطفال ونساء يُغتصبون، أما الكونت فولك برنادوت فقد اغتيل في 20 أيار/مايو على يد إرهابيين يهود، لتجرؤه على تقديم اقتراح بتقسيم البلد مناصفة، وطالب خلال الهدنة الأولى بالسماح للاجئين بالعودة.
أتت الأخبار عن هدنة قريبة في وقت غير مريح لعملية التطهير؛ فجرى تسريع بعض العمليات لتنتهي قبل بدء الهدنة، وأضيفت مدينتا اللد والرملة و60 قرية أخرى إلى الـ290 قرية التي سبق احتلالها وتطهيرها من السكان، ولم تكن هدنة بالمعنى الحقيقي؛ إذ أجهضت من اليوم الأول، واحتلت القوى الإسرائيلية قرى رئيسة شمالي حيفا، واستمر القتال في الجنوب مع القوات المصرية فيما سُمِّي بجيب الفالوجة.
الفكرة من كتاب التطهير العرقي في فلسطين
بعد الهولوكوست، بات من المستحيل إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية، والآن في عالمنا المعاصر، ومع تكاثر وسائل الإعلام الإلكترونية وانتشارها، لم يعد في الإمكان إنكار كوارث من صنع البشر، أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام، ورغم هذا فإن جريمة التطهير العرقي في فلسطين جرى محوها كليًّا من ذاكرة العالم، وحدث مصيري كهذا، وهو الأكثر أهمية في تاريخ فلسطين الحديث، أُنكر بصورة منهجية منذ وقوعه، وإلى الآن لم يُعترف به كحقيقة تاريخية، أو حتى جريمة يجب مواجهتها سياسيًّا وأخلاقيًّا.
مؤلف كتاب التطهير العرقي في فلسطين
إيلان بابيه: أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة، ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية لنفس الجامعة، كما أنه مؤرخ إسرائيلي بارز، وناشط اشتراكي، وينتمي إلى تيار المؤرخين الجدد، من أشهر أعماله “10 خرافات عن إسرائيل”، و”خارج الإطار”، و”أرض واحدة وشعبان”، و”الشرق الأوسط الحديث”، وتم دعمه من قبل بعض المؤرخين، وتعرض من جهة أخرى للكثير من النقد الإسرائيلي، وقبل مغادرته إسرائيل عام 2008 تمَّت إدانته من قبل الكنيست، وتلقَّى تهديدات عدة بالقتل، وظهرت صورته في إحدى الصحف بأنه مستهدف.