تسليع الأرض بعد قانون الطابو 1858
تسليع الأرض بعد قانون الطابو 1858
مَثَّل إصدار الدولة العثمانية لقانون الطابو عام 1858 بُغية تنظيم وتقنين ملكية الأرض في الدول الخاضعة لحكمها، تحولًا تاريخيًّا في علاقة الناس بالأرض، فالأرض التي كانت ملكية عامة تقسم وفقًا للمشاع ويستفيد منها الجميع، تحولت إلى سلعة يمكن شراؤها وامتلاكها، وقد أصبح لزامًا على أصحاب الأراضي والمستفيدين منها، تسجيل الأراضي في دواوين الدولة والحصول على سندات ملكية أو تصرف حتى يمكنهم زرعها أو الانتفاع منها، وبهذا أصبحت الأرض ملكية للدولة، وعلى الفلاحين أن يقوموا بالحصول على إذن من الدولة لاستغلال الأرض وزراعتها مقابل دفع الضرائب لها، وتصبح الأراضي التي لم تسجل رسميًّا ملكًا للدولة تستطيع التصرف فيها بالبيع أو الإيجار.
وقد اندفعت الرأسمالية المتوحشة ممثلة في العائلات الغنية والمُلاك العرب والقناصل الأجانب، لشراء الأراضي وتسجيلها والحصول على سندات ملكيتها، ولأسباب عدة منها: التجنيد الإجباري والجهل وقلة الثقة بالحكومة وقلة الخبرة في الأمور القانونية، وارتفاع الضرائب التي كانت تدفع الفلاحين للتخلي عن الأرض، وما سمِّي بنظام المراباة حيث كان الفلاح يقوم برهن المحصول لأحد الأغنياء مقابل أن يدفع له الأخير الضرائب؛ لم يسجل كثير من الفلاحين أراضيهم، وهو ما سهَّل فيما بعد عملية استيلاء الدولة أو الأغنياء وطبقة الملاك على أراضيهم، واضطر هؤلاء الفلاحون للعمل عند الملاك الجدد، وكان هذا هو المدخل الذي نفذ منه رأس المال اليهودي إلى فلسطين.
الفكرة من كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
يناقش هذا الكتاب واحدة من أهم القضايا المتعلقة بالمسألة الفلسطينية والتي روَّج لها على نحو متعمد ليخدم نظرة معينة إلى القضية الفلسطينية ويضلِّل أعين الشعوب عن الحقيقة، ألا وهي قضية الأرض وكيف سيطر اليهود على الأراضي الفلسطينية، ومدى صحة المقولة التي تم الترويج لها القائلة إن الفلسطينيين هم من باعوا أراضيهم لليهود!
ويعرض الدكتور أكرم حجازي التطورات التي لحقت بالأرض وسبل التعامل معها وطرق تفاعل المجتمع معها منذ العهد العثماني والتغيرات المهمة التي لحقتها بعد قانون الطابو، وكيف فتح الطريق أمام الرأسمالية الغربية واليهودية لتدخل فلسطين، وأخيرًا الدور الجوهري والرئيس للاحتلال البريطاني الذي مزَّق البناء الاجتماعي والاقتصادي وهيَّأ كل السبل الممكنة لتحقيق وعد بلفور ببناء وطن قومي لليهود في فلسطين.
مؤلف كتاب الجذور الاجتماعية للنكبة: فلسطين 1858-1948
د. أكرم حجازي: كاتبٌ وباحثُ، وأستاذٌ جامعي سابق، حاصل على إجازة في الصحافة وعلوم الاتصال، وحاصل على الدكتوراه من جامعة تونس الأولى في علم الاجتماع، وهو مؤسس ومدير موقع المراقب للدراسات والأبحاث الاجتماعية.
له مؤلفات أخرى هي: “دراسات في السلفية الجهادية”، و”مرابط النظام الدولي”.