تساؤلات حول الميديا
تساؤلات حول الميديا
هل أصبحنا أسياد التقنية أم عبيدها؟ هل الإعلام الصالح هو ما ننتظره، أو بالأحرى الذي لا نريد سماعه؟ ألا تتعرَّض الثقافة للخطر من قِبل مجتمع يهب أوقاتًا للترفيه وللتسلية؟ نعم، لم تتوقَّف وسائل الاتصال عن تشجيع الإنسان إلى أشكال التعبير المختلفة، ولكن بتتبُّع آثارها وطريقة عرضها للوقائع والأحداث، فبعض الوقائع تُعرض جزئيًّا، وأخرى تُهمل أو تُنسى وحسب! بينما تتضخَّم أخرى، مما يعطيها أهمية لا تستحقها وهكذا افتُتِح عصر الشك، وظهرت كلمة “التضليل الإعلامي”.
إن هيمنة التلفزيون وسباق السرعة الذي تخضع له وسائل الاتصال وخلط الأنواع بين الإعلام والمنوعات كلها مخاطر أفسحت المجال لفتح الجدل مجددًا حول آداب المهنة، فالقانون لا يكفي، فهو يضع فقط الحدود التي يُعاقب القاضي من يتجاوزها، فآداب المهنة هي القواعد التي تضعها المهنة لنفسها، ومن ثم تكون حُجَّة على الصحفيين أمام مسؤولياتهم، فالصحفي يُعرِّض الإعلام لخطر شديد عندما يؤدي دورًا ليس دوره، وذلك حينما يكون مشاهدًا وليس فاعلًا، مراقبًا وليس مُعلمًا.
ولا بدَّ أن نُدرك أن الإعلام حاليًّا يمثِّل سلطة رابعة، على الرغم من أن تأثيره يبدو غامضًا، ومن المستحيل توقُّعه، ولكن لا يمكننا أن نُنكِر تأثيره في الجو السائد أو الرأي العام، فقد تعرض وسائل الاتصال رأيه على أنه الأكثرية، كما أن الأخبار قد تتعرّض لبعض التأطير، وذلك عن طريق إدراجها في سياق معين.
فهذه السلطة الخفيَّة لا تمارس فرضًا مباشرًا للرأي، بل تقوم بترسيخ خفي للوقائع أو الأفكار التي تساعد على تبنِّي الرأي، كما أن طغيان معيار المشاهدة أو الاستماع يمثِّل بصورة أساسية “التبعية العمياء” لوسائل الاتصال التي تعني عدم عرض برامج إلا تلك التي سبق للجمهور أن وافق عليها، ومن ثم استبعاد كل ما يمكن أن يُفيد أو يبني الجمهور على نحو حقيقي وعميق.
الفكرة من كتاب الميديا
تتزايد أهمية الدور الذي تؤديه الميديا كل يوم في موضوع الإعلام والاتصال أو في مجال اللهو والتثقيف، فالصحافة والسينما والإذاعة والتلفزيون والإنترنت جميعها وسائل لتبادل الجسور بين الأشخاص والشعوب والثقافات.
يقدِّم هذا الكتاب تسلسلًا تاريخيًّا لمختلف أنواع الميديا، ويحلِّل أهدافها وغاياتها، فقد حسَّنت أوضاع العالم من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى خلقت مشكلات إنسانية على المستويات الاجتماعية والنفسية والفكرية، فلاحظنا أن الفرد يُجري الاتصال مع كل أنحاء العالم متجاهلًا الاتصال مع جاره الذي يسكن في المبنى نفسه، ومن هنا كان الوقوف وتحليل تلك التقنية أهمية كُبرى في فَهم خصائصها وطبيعتها وتأثيرها.
مؤلف كتاب الميديا
فرانسيس بال Francis Balle: أستاذ العلوم السياسية بجامعة بانتيون بباريس، كما أنه مدير معهد البحوث والدراسات في مجال الاتصالات والدراسات الإعلامية (IREC)، وقد شغل العديد من المناصب الرفيعة في الهيئات الرسمية، منها عضوية المجلس الأعلى للوسائل السمعية والبصرية. يُدرس دورات في علم الاجتماع ووسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجامعة وفي معهد الصحافة الفرنسية.
له العديد من المؤلفات والكتب:
صدمة ثقافات.
وسائل الإعلام الجديدة.
علم الاجتماع وعلوم المجتمع.