ترك الأثر في الوحيين: القرآن والسنة
ترك الأثر في الوحيين: القرآن والسنة
كثير هي الآيات والأحاديث التي تدلُّ على الآثار الحسنة التي خُلِّدت رغم رحيل أصحابها، ومنها دعاء الخليل (عليه السلام) بأن يبقى ذكره وعمله حاضرًا عبر العصور عندما قال: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾، واستجاب له رب العالمين بقوله: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ﴾، ومن ثم فالثناء الجميل على ألسنة الناس باقٍ إلى يوم القيامة.
ويشير القرآن إلى مدح الله (عز وجل) لأنبيائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب (عليهم السلام) فيقول: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾، أي أثنينا عليهم ثناءً حسنًا، لأن جميع الملل تحسن الثناء عليهم، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾، أي نكتب أعمالهم التي عملوها وآثارهم التي أثروها من بعدهم فيجزيهم ربهم على ذلك أيضًا.
ومن أحاديث السنة النبوية الدالة على ترك الأثر الصالح، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”، فهنا يموت الإنسان لكن لا يتوقَّف عمله، تنقطع أنفاسه لكن لا تنقطع حسناته، بل تزداد ويبقى أثره، وعندما جاء النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) قومٌ حفاةٌ عراةٌ جمع صحابته وخطب فيهم مشجعًا على الصدقة والإنفاق في سبيل الله، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ بصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قدْ عَجَزَتْ، فلما رآه الناس تشجَّعوا وتتابعوا على إخراج صدقاتهم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) “من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء”.
الفكرة من كتاب أثر المرء في دنياه
يعيش البشر أعمارًا متفاوتة ثم يغادرون الدنيا، ولو سألت: فلان مات فما الأثر الذي خلَّفه من بعده؟ فغالبًا لن تجد أي أثر، عاشوا وماتوا ولم يشعر بهم أحد، ومن هنا أتت فكرة هذا الكتاب، حيث يتناول المؤلف في كتابه قضية الأعمال التي يتركها الإنسان في الدنيا بعد موته، وكيفية الوصول إلى ذلك، والعقبات التي يواجهها المرء من أجل أن يعمل عملًا لا يُدفن معه في قبره، بل يبقى في الدنيا ليُخلِّد ذكراه في دنيا الناس.
مؤلف كتاب أثر المرء في دنياه
محمد موسى الشريف: كاتب وداعية سعودي، عمل قائدًا طيارًا في الخطوط الجوية السعودية، حصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة من جامعة أم القرى، وتاريخه حافل بالكثير من الإنجازات المقروءة والمسموعة.
من أبرز مؤلفاته:
عجز الثقات.
الطرق الجامعة للقراءة النافعة.
التنازع والتوازن في حياة المسلم.
تسبيح ومناجاة وثناء على ملك الأرض والسماء.
وله تهذيب لسير أعلام النبلاء بعنوان “نزهة الفضلاء”.