تربية النفس
تربية النفس
وهناك ثلاثة محاور مهمة من شأنها أن تسهم في استقرار النفس، وأول تلك الجوانب القدرة على التعبير بما تعتليه النفس وما تكنُّه، ومن ضمن الأمور التي تعرقل من استقرار النفس في هذا الجانب هو النظام الأبوي القائم على السلطة في تربية الأبناء، فيصبح الأبناء في حالة غريبة من التصرُّف بخوف دون اقتناع، وهيبة الآباء دون احترام!
ولذلك إذا تمعنَّا في السيرة النبوية شاهدنا كيف يتعامل سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) مع خادمه أنس بن مالك (رضي الله عنه)، في أثناء خدمته له نحو عشر سنين، لم يكن يعنِّفه أو يؤنِّبه أبدًا، ولم يكن سيدنا أنس على علاقة خوف مع النبي (صلى الله عليه وسلم)، بل كانت علاقة حب وإجلال.
وكذلك من المهم التعبير عن حاجة النفس وانفعالاتها والتعبير عن ذاتها لمربٍّ أو أب أو شخص نثق به، حتى يساعدنا على حل الأمر ووصف الدواء، مثل موقف النبي (صلى الله عليه وسلم)، عندما جاءه شاب يقول له يا رسول الله، ائذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه، ولكن النبي (صلى الله عليه وسلم) أدناه وقرَّبه منه، وتحدَّث معه بلين، ولم يذكِّره بالآيات أو بالأحاديث، بل جاءه من باب الأخلاق العربية، وسأله: أتحبه لأمك؟ قال: لا واللَّه، جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه جعلني اللَّه فداك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم…
وأخذ النبي يسأل ويقر: لعمتك أو لخالتك والشاب ينفي، حتى وضع يده عليه وقال: اللهم طهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّنْ فرْجَه، فلم يكن شيء أبغض إليه من الزنا.
وثاني الجوانب التي تسهم في استقرار النفس، هي تأمُّل حاجاتها وتحديدها من حيث ما تحب وما تكره، ومن ثم يتم تحديد مدى توافقها مع ما يحبه الله ورسوله وما يبغضه، وترك ما يبغضه الله ورسوله وإن كانت النفس تتوق إليه، لأنه لن يكون به خير أبدًا ولن تستقر به النفس.
وآخر هذه الجوانب تزكية النفس، فلقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا﴾، وتزكية النفس لا تقوم على الأعمال الصالحة وحسب، بل بالأخلاق الكريمة الممزوجة بتعاليم الدين.
الفكرة من كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
في هذا العصر الذي تتخبَّطنا فيه الهموم والمشاكل، يسعى الجميع نحو نفس مطمئنة وهادئة، لا يشوبها خوف أو قلق وتتمتَّع بالثقة، حتى تستطيع مواجهة صعوبات الحياة، ولتحقيق هذا الهدف إليك بعض الخطوات العملية، على هدي السنة واقتداءً بتعاملات سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن فَهم النفس واحتياجاتها، وكيف تزكيها وتنمي الثقة بها.
مؤلف كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
طارق بن علي الحبيب: طبيب نفسي سعودي، ولد في محافظة عنيزة في منطقة القصيم، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، ثم واصل دراساته العليا في الطب النفسي في أيرلندا وبريطانيا، وتتركَّز اهتماماته العلمية في علاج الاضطرابات الوجدانية وفي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية وفي علاقة الدين بالصحة النفسية.
وهو بروفيسور، واستشاري الطب النفسي، والمشرف العام على مراكز “مطمئنة” الطبية، وبروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، ومستشار الطب النفسي للهيئة الصحية في إمارة أبوظبي، وكذلك أستاذ متعاون وممتحن لطلاب الماجستير والدكتوراه بكلية الطب بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية.
ويشغل منصب محكم علمي معتمد في المجلة العلمية لمنظمة الصحة العالمية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذلك في العديد من المجلات الطبية الأخرى، وأمين عام المجلس التنفيذي لمؤتمرات العلاج بالقرآن بين الدين والطب، ومستشار لجنة الطب النفسي والعلاج الروحي في الاتحاد العالمي للطب النفسي.
له عدة مؤلفات، من أشهرها:
كيف تحاور؟
التربية الدينية في المجتمع السعودي.
الفصام.
مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي.
العلاج النفسي والعلاج بالقرآن.
الطب النفسي المبسَّط.
علَّمتني أمي.