تربيةُ المرأة
تربيةُ المرأة
“المرأةُ إنسانٌ مثلَ الرجُل، لا تختلفُ عنه في الأعضاءِ ووظائِفِهَا، ولا في الإحساس، ولا في الفكر، ولا في كل ما تقتضيه حقيقةُ الإنسان؛ من حيثُ هو إنسان، اللهمَّ إلا بقدرِ ما يستدعِيِهِ اختلافُهُمَا في الصِّنْف”
هكذا بدأ “قاسم أمين” حديثَهُ عن تربيةِ المرأة، مُوضِّحًا أن الفرقَ الشاسِعَ في الحُقوقِ والسُلطةِ بين الرجُلِ والمرأة؛ ماهو إلا بسببِ أنّ السُلطةَ مُنِحت للرجُلِ منذُ أجيالٍ عديدة؛ كي يعملَ ويُفكر؛ بينما سُلِبَت من النساء؛ فظلت المرأةُ مقهورة، همُّهَا الأوحدُ وشُغلُهَا الشاغِلُ إرضاءُ الرجل والتفننُ بطرقِ تسليتِهِ واستمالته. لذلك فالمرأة معذورة؛ لأن حريتَها سُلِبَت منها؛ فأصبحت تعتقدُ بأنها لا تملِكُ أيَّ قيمةٍ بعقلِها بل بجسدِهَا فقط.
ينتقد “قاسم أمين” مُعاملةَ الرجلِ للمرأة، أبَاً أو زوجا أو أخَاً، فهو يعزِلُها داخلَ البيت، ويَزيدُ من عُزْلَتها بحرمانِها من حقوقِها داخلَهُ أيضًا، وذلك كلُّهُ يُخالِفُ الأصلَ الديني.
وكذلك القولُ بأنّ المرأةَ لا تصلُحُ للعملِ والتعلُّم، يردُّ عليه الكاتِبُ، بأن هذا ليس سببًا لاحتقارِهَا؛ بل هو نتيحةَ حِرمانِهَا من التعليمِ والثقافة والعِلْم.
الفكرة من كتاب تحرير المرأة
بالرُغم من أنّ هذا الكتاب طُبِعَ عام ١٨٩٩م، إلاّ أن كاتبَهُ قد نجَحَ في طرحِ مَواضيعَ، لا تزالُ ذاتَ أهميةٍ إلى يومِنَا هذا.
يرى “قاسم أمين” أن هناك تلازُمًا بين انحطاطِ المرأةِ، وانحطاطِ الأمةِ وتوحُّشِهَا، وبين ارتقاءِ المرأةِ وتقدُّمِ الأمةِ ومَدَنيتِها؛ فهو يُؤسِّسُ دعوتَهُ لتحريرِ المرأةِ المصريةِ ـ والعربيةِ بالضرورة ـ على أهميةِ ذلك، للأمم.
كما يرى أن إنصافَ المرأةِ في التعليم؛ شرطٌ أساسيٌ لبناءِ شخصيتِهَا ومُمَارسةِ دَورِهَا في المجتمع، ويطلبُ من الحكومةِ السعيَ لإصدارِ القوانينَ التي تضمنُ للمرأةِ حُقوقَهَا؛ بشرط أن لا تخرجَ هذه الحقوقُ عن الحدودِ الشرعية.
مؤلف كتاب تحرير المرأة
وُلِدَ “قاسم أمين” عام 1863م، لأبٍّ تركي عثماني، وأم مصرية من صعيد مصر، وتمكّنَ بفضل وضعِ عائلتِهِ الاجتماعية، التي كانت تتسِمُ باليُسْرِ والدَعَة، من أن يتدرجَ بسُهُولةٍ في كل مستوياتِ التعليم؛ حتى تخرّجَ في كلية الحقوق، وهو لا يتجاوز العشرين عامًا، عَمِلَ بالقضاء بعد عودته من بعثةٍ دراسية لفرنسا، وساهمَ في الدعوةِ لإقامةِ الجامعةِ المِصْرية.