تراثنا أم حضارتهم.. ماذا ينقصنا؟
تراثنا أم حضارتهم.. ماذا ينقصنا؟
لا شك أن تاريخ العرب الحديث مليء بالكثير من الأحداث المُثيرة للشفقة، ولكن الهزيمة في حرب 1967م كانت مختلفة، ربما أثرُها لم يعد واضحًا الآن، فمعظم الموجودين اليوم لم يكونوا أحياء وقتها، هناك القليل من الأحداث التي تشكل تأثيرًا مباشرًا في حاضر الأمم.. وهكذا كانت تلك الهزيمة في جسامتها مثل الحملة الفرنسية على مصر أو وعد بلفور، كانت التطورات صادمة للغاية وكان من الصعب التصديق أن السلطة التي نجحت في تأميم القناة والتصدي للعدوان الثلاثي 1956 تتهاوى قدراتها هكذا في أسبوع واحد، كل الآمال التي بُنيت على الحلم العربي وذلك الحماس الذي كان يملأ عيون شعب يبدو متطلعًا لواقع أفضل، وبعد كثير من التمني والانتظار بدا لهم هذا عصرَ تحقيق الأحلام فلم يتذوقوا إلا مرار الهزيمة، ربما استطاع العرب استرداد أراضيهم في 1973 ولكنهم فقدوا شرفهم ثمنًا لها ،ولم يستطيعوا نسيان ما فقدوه، كان جرحًا غائرًا لدرجة عدم التصديق.
وكعادة المصريين مارسوا عادتهم في مداواته بالسخرية لدرجة أن عبد الناصر نفسه لم يستطع تحملها، كانت فترة مريبة مارسوا فيها كل أنواع التناسي ولم ينسوا، لم يُجدِ معهم شيء فتوجهوا إلى السماء راجين أن يعثروا على سلوى لهم هناك.
أثارت الهزيمة جدلًا كان قد خفت تحت وقع النهضة الحذرة في أثناء الفترة الناصرية، كان هذا الجدل يُعبر بشكل ما عن طبيعة عصره، فطوال فترات الأزمات يبرز التساؤل عن الحل.. ودائمًا لم تكن الظروف تمهل العرب لإنهاء هذا النقاش، فالعدوان سرعان ما يتجدد والهزيمة هي النتيجة الدائمة ليظهر هذا السؤال من جديد، ومع الهزيمة المُذلة أُثير النقاش حول القديم والجديد وتناطح الرأيان مجددًا “الدولة العصرية وتطبيق الشريعة”، كان الأديب يحيى حقي ينحاز قليلًا نحو التراث وشبّه هزيمة 1967 بمعركة الأهرام ضد الفرنسيين، جيش منظم ضد أشتات جيش لم يلحق بالحضارة بعد، كانت مُقارنة مؤلمة بالفعل فكيف يُمكن تشبيه جيشين يفصل بينهما قرنان من الزمن وتظل المُقارنة صادقة؟ على الأقل كان المماليك لهم عُذرهم بقلة تواصلهم مع الحضارة لكن ما عُذرنا نحن؟ ولكن السؤال الأهم كيف يُرجع الأديب السبب إلى تخلفنا عن الحضارة وقد كان من المنتصرين للتراث؟ وهل كان يرى تعارضًا بين الاتجاهين بالفعل؟
الفكرة من كتاب المثقفون العرب وإسرائيل
إن التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية باعتبارها مجرد مرحلة عابرة في تاريخ حروب مصر الطويل هو سطحية متعمدة لا ينبغي إحسان الظن بها، يحدثنا الدكتور جلال أمين عن تعريف النصر والهزيمة وعن طبيعة الحروب التي دخلها العرب منذ بداية الصراع، ويحاول إيجاد تفسيرات جديدة لتلك الهزائم التي ربما لم يرد أحد وحتى نحن أن ننتصر فيها، ويتطرق أيضًا إلى هذا النوع من المثقفين الجدد وكيفية تعاطيهم مع الدعايا الإسرائيلية، أو حتى مبادراتهم المبتكرة في تلك السوق التي لا تترك لأحدهم مجالًا حتى ليستر نفسه.
مؤلف كتاب المثقفون العرب وإسرائيل
جلال أمين، وُلد عام 1935م، هو ابن الاديب والمفكر المصري أحمد أمين وواحد من أهم الكتاب والمفكرين المعاصرين، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة ونال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، عمل أستاذًا للاقتصاد بكلية الحقوق جامعة عين شمس والجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان مهتمًّا في كتاباته بالجانبين الاجتماعي والاقتصادي ورصد التغيرات التي تجري للمصريين في هذين الجانبين، ومن أهم كتبه:
خرافة التقدم والتخلف.
ماذا حدث للمصريين؟
عصر الجماهير الغفيرة.