تدعيم الأفكار السامَّة ماديًّا وعلميًّا
تدعيم الأفكار السامَّة ماديًّا وعلميًّا
كان قَدْر الدعم المادي للدول الإسلامية الذي أُنفق في القرن العشرين من المؤسسات التمويلية الأمريكية مثل (روكفلر وفرانكلين) مَهولًا، ويُقدَّر بمئات الملايين من الدولارات ويتم إنفاقه في مجالات شتى تحدِّدها تلك المنظمات بعناية على حسب أهدافها؛ كالإنفاق على عمليات التربية والتعليم وسيكولوجية بناء الطفل العربي المسلم، بناء يقوم على الأسس العلمية الغربية الحديثة، وتطوير المناهج والمدارس على نَسَق أوروبي بحت دون أية صبغة ذاتية مميزة، بالإضافة إلى الإنفاق الكبير على تدريب الآباء والمعلمين حتى يتم وضع الطفل المسلم بين المطرقة الغربية (الأسرة) والسِندان الأمريكي الآخر (المدرسة)، وتلك البرامج الدولية والحقوقية في الأمم المتحدة وغيرها عرفت طريقها إلى الأسرة العربية المسلمة من خلال العبث بدور الأم، فعملت على (أمركة المرأة الريفية) على وجه الخصوص كنموذج للمرأة الفعالة في أسرتها، ومن ثم تتفكَّك الأسرة.
فالأهداف الغربية للمجتمعات العربية الإسلامية هي دائمًا خليط بين المال والفكرة، فيتم الإنفاق ليستطيع التغيير، وعلى الدوام ستجد تدعيم الغرب للتحرُّر الجنسي في الشرق وخلق علاقات عاطفية وطيدة بين البنين والبنات منذ الصِغر في المدارس المختلطة التي روَّجوا لها بعنف تحت مسمى “براق” وهو (علم النفس)، مستغلين سطوة ذلك اللفظ (العلم) على نفوس المستمعين، فمن الممكن أن تروِّج ما تشاء من العوار العلمي والأخلاقي تحت مسمى العلم التجريبي وستأسر المُتلقِّين من خلال هذا الطرح بلا شك، بل على الأغلب أنه لن يعترض أو يشكِّك فيما تقول لأن العلم قد اختبر أطروحتك بالفعل، وهذا غير صحيح كليةً، فبعيدًا عن أن هناك جدلية قديمة بخصوص هل علم النفس يُطلق عليه علمٌ من الأساس أم لا؟ إلا أنه حتى لو تم اعتباره علمًا، فإن هناك تغافلًا شديدًا عن مبادئ كثيرة في قواعد البحث العلمي قد تنسف أي دراسة ببعض التدقيق، مثل الأمانة العلمية في عرض الدراسة، والتحيُّز الشخصي سواء لأهداف سياسية أو دينية، وحجم العينة التي يتم عليها البحث موضوع الدراسة، وغير ذلك.
وأيضًا حتى وإن تم تجاوز كل تلك العقبات بنجاح، يظلُّ البحث مُعرضًا للخطأ في وقتٍ لاحق بناء على تغيُّر الظرف الزماني والمكاني والذي وافق نتائج البحث الأول! فكيف تستطيع أن تُصدِّق أن التعليم المختلط مثلًا من شأنه أن يقلِّل من حدَّة الكبت الجنسي وحالات التحرُّش والاعتداءات الجنسية!
الفكرة من كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
رغم أن الواقع العربي والإسلامي اليوم ليس على ما يرام فيجب القول إنه لولا كلمات المفكرين الإسلاميين والعلماء وكل من تنبّه إلى صنيع الاستعمار ومحاولته لاحتلال العقول وتفريغها من الهوية الإسلامية والذاتية العربية، لكان الوضع أسوأ أضعافًا مضاعفة.
في هذا الكتاب، يتحدَّث الكاتب بدايةً عن المجتمع الريفي ومدى تماسكه وكيف مثَّل شوكة في حلق المستعمر، ثم ينتقل للحديث عن القومية والمبالغة فيها حد الانفصال عن بقية العرب، ثم يوضِّح ما تتعرَّض له المرأة المسلمة من ضغوطات خارجية وداخلية، وأخيرًا يسرد المشاريع اللغوية التي كانت محط أنظار المثقفين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وما زالت تتلوَّن بألوان مختلفة إلى اليوم.
مؤلف كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
محمد محمد حسين، أديب إسلامي مصري، ولد سنة 1912، وهو باحث في الأدب العربي، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، وتدرَّج في التدريس بالجامعات المختلفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وجامعة بيروت، والجامعة الليبية، وتوفي عام 1982.
له العديد من المؤلفات المهمَّة في الأدب والفكر الإسلامي، مثل:
الإسلام والحضارة الغربية.
الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر.
الروحية الحديثة دعوة هدامة.
الهجاء والهجاءون في الجاهلية.