تحويل المرأة إلى جنسٍ ثالث
تحويل المرأة إلى جنسٍ ثالث
في الواقع إن خروج المرأة إلى سوق العمل كان وما زال له أسبابٌ عديدةٌ منها ما هو ظاهر ومنها ما هو باطن، ومن تلك الأسباب مثلًا عزوف الأجيال السابقة جيلًا بعد جيل عن كفالتهن وتوفير النفقات اللازمة لهن، كذلك الفقر وتردِّي الحالة المادية والمعيشية لقطاعات واسعة جدًّا في المجتمعات العربية، وأيضًا بعض النُّظم الوضعية الاقتصادية الغربية التي نشأت وشجَّعت ذلك كالشيوعية التي قرَّرت في قوانينها عمل المرأة، والرأسمالية التي أقرَّت ذلك بالواقع الاقتصادي الصعب، وأخيرًا نشأة الجمعيات الحقوقية للمرأة والحركات النسوية.
ومن الأغراض الخفية التي لا يستطيع الغرب الاعتراف بها: مخالفة الأعراف العربية الإسلامية التي وجدوها في أثناء استعمارهم لنا وكانت جزءًا من الاستقرار الأسري، هذا وإن نشأت الحركات النسوية في الغرب لأسباب وجيهة ومنطقية خاصة بهم شأنها شأن العلمانية التي نشأت كتيار مضاد للكنيسة الكاثوليكية، كذلك الحركات النسوية نشأت كرد فعل تاريخي لاحتقار الغرب للمرأة والتقليل منها وإقصائها، بل وصل الأمر إلى طرح سؤال يوضح النمط السائد آنذاك؛ حينما تساءل فلاسفة الغرب هل المرأة كائن بشري أساسًا؟ أو أنها في منزلة دُنيا من الرجل، وبالتالي تلك الحالة كانت سببًا قويًّا لرد الفعل النسوي، أما في الإسلام فالوضع يختلف كثيرًا عن الأوضاع في أوروبا، فمنذ جاء الإسلام تم تكريم المرأة ووضعها في منزلة مختلفة ومميَّزة لا فرق بينها وبين الرجل في العمل الصالح والتقوى.
بالتأكيد لا أحد ينكر طبيعة الاختلاف الجسدية والعضوية بين الرجل والمرأة، فمثلًا يستطيع الرجل القيام بالأعمال البدنية الثقيلة التي لا تقوى المرأة عليها، لذلك هو مسؤول عن العمل والإنفاق، والمرأة طبيعة جسدها تساعدها على الحمل والولادة والرضاعة والعناية بالأطفال وهو ما لا يستطيعه الرجل، وهناك حالات محدَّدة بعينها كالميراث والشهادة يُعمِّمها المُغرضون لإقرار تفضيل الدين للرجال، لكنَّ هذه حالات خاصة لكل منها تفسير منطقي وواقعي لا يتعدَّاه إلى ما سواه، والأصل هو مُجمل الحديث في الإسلام عن المرأة لا الاجتزاء.
وبعامةٍ فإن الإسلام لا يمنع عمل المرأة بالتأكيد، كما أن الحاجة إلى كسب العيش في تلك الظروف الاقتصادية الصعبة تُلقي بظلالها عليها، لكن يظل التساؤل ماذا عن تبعات ذلك الخروج لأسواق العمل وتلك الحالة من انفراط العِقد الأسري؟ وهل الأبناء الذين بالكاد يرون آباءهم بضع ساعات يوميًّا سيتم تربيتهم وتعليمهم القيم والأخلاق والدين؟! بل كيف يحصلون على المشاعر الأبوية والاهتمام والحنان الذي يَقيهم الأمراض النفسية فيما بعد؟
الفكرة من كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
رغم أن الواقع العربي والإسلامي اليوم ليس على ما يرام فيجب القول إنه لولا كلمات المفكرين الإسلاميين والعلماء وكل من تنبّه إلى صنيع الاستعمار ومحاولته لاحتلال العقول وتفريغها من الهوية الإسلامية والذاتية العربية، لكان الوضع أسوأ أضعافًا مضاعفة.
في هذا الكتاب، يتحدَّث الكاتب بدايةً عن المجتمع الريفي ومدى تماسكه وكيف مثَّل شوكة في حلق المستعمر، ثم ينتقل للحديث عن القومية والمبالغة فيها حد الانفصال عن بقية العرب، ثم يوضِّح ما تتعرَّض له المرأة المسلمة من ضغوطات خارجية وداخلية، وأخيرًا يسرد المشاريع اللغوية التي كانت محط أنظار المثقفين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وما زالت تتلوَّن بألوان مختلفة إلى اليوم.
مؤلف كتاب حصوننا مُهدَّدة من داخلها
محمد محمد حسين، أديب إسلامي مصري، ولد سنة 1912، وهو باحث في الأدب العربي، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، وتدرَّج في التدريس بالجامعات المختلفة من كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وجامعة بيروت، والجامعة الليبية، وتوفي عام 1982.
له العديد من المؤلفات المهمَّة في الأدب والفكر الإسلامي، مثل:
الإسلام والحضارة الغربية.
الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر.
الروحية الحديثة دعوة هدامة.
الهجاء والهجاءون في الجاهلية.