تحول النقد إلى رأس مال
تحول النقد إلى رأس مال
تعدُّ العلاقة بين كلٍّ من رأس المال والنقود من أكثر ما تلتبس فيه الأفهام، لا سيما بين غير المتخصِّصين في الأدبيات الاقتصادية، فبدايةً نستطيع القول إن النقود ما هي إلا وسيط للتبادل ومخزن للقيمة ولا تمتلك قيمة في حد ذاتها اللهم إلا ما تحويه من حبر وورق، بينما نجد أن الأمر مختلف بالنسبة إلى المفهوم الاقتصادي لرأس المال، فهو سلعة يتم استخدامها لإنتاج سلعة أخرى، وهو المفهوم الحقيقي للثروة كما أوضحنا، وثمة فرق جوهري آخر يتمثَّل في المسار الذي يأخذه كل منهما خلال عملية التبادل، فالنقود تذهب لشراء السلع ثم بيعها مرة أخرى لتحقيق ربح يتمثل في الفرق بين كمية النقد الأولى والثانية، بينما رأس المال يتم بيعه لشراء سلعة رأسمالية أخرى، فالهدف في العملية الأولى هو الحصول على القيمة التبادلية المتمثلة في كمية أكبر من النقد، أما في العملية الثانية فالهدف هو الحصول على القيمة الاستعمالية والمتمثلة في كمية أكبر من السلع.
والأمر ذاته ينطبق على سوق العمالة، فالعمل هو المجهود البدني أو الذهني الذي يتم استخدامه في عمليات إنتاج السلع والخدمات، أما قوة العمل فهي المجموعة المؤهلة والراغبة في العمل، وليس ثمة مانع يقف عائقًا أمامها من مزاولته، من هنا يمكن النظر إلى العمل كونه سلعة في حد ذاته يجري عليه عوامل العرض والطلب من قبل العمال والرأسماليين أصحاب المؤسسات الإنتاجية.
وبالمثل يمكن تطبيق معيار كمية العمل في تحديد قيمته التبادلية أي الأجر، وعلى ذلك يتحدَّد الحد الأدنى للأجور وَفقًا للنظرية الماركسية بكمية العمل الضرورية التي يضطر العمل إلى القيام بها من أجل الحصول على حد الكفاف من وسائل العيش عبر إشباع الحاجات الضرورية اللازمة لبقائه على قيد الحياة، وهذا الأمر يختلف بين المجتمعات بعضها وبعض تبعًا للتفاوت النسبي في المستويات المعيشية القائمة، ومن هنا تتحدَّد قيمة العمل بقيمة الوسائل الضرورية لبقاء العامل على قيد الحياة، وما دام العامل لا يتقاضى أجره إلا بعد استهلاك الرأسمالي لسلعته ألا وهي العمل، فهو بذلك يقوم بإقراض الرأسمالي أولًا ليسدِّد له الرأسمالي ثانيًا.
الفكرة من كتاب موجز رأس المال
لعل من الإسهامات الكبيرة التي أسهمت بها الرأسمالية هي التحول الثوري في نظرية الثروة المجتمعية، فبعدما كانت المدرسة التجارية تنظر إلى ثروة الدولة على اعتبار معيار الذهب، نجد أن الرأسمالية تقرِّر أن ثروة المجتمع إنما تقاس باعتبار معيار الإنتاج..
يعد هذا الكتاب مدخلًا لإعادة كتابة المفاهيم الاقتصادية من جديد، يسلط فيه الكاتب الضوء على مفهوم القيمة التبادلية والاستعمالية للسلع المختلفة وكيف تتحدَّد أجور العمال، بالإضافة إلى كيفية تكوين الربح الرأسمالي واستشراف المصير المتوقع للرأسمالية.
مؤلف كتاب موجز رأس المال
فريدريك إنجلز Friedrich Engels:كاتب وفيلسوف ورجل صناعة ألماني يُلقَّب بأبي النظرية الماركسية إلى جانب كارل ماركس، ولد في 28 نوفمبر 1820 في ألمانيا، وفي عام 1848م أصدر مع ماركس، بيانهما المشهور والمعروف ببيان الحزب الشيوعي الذي يسمى اختصارًا البيان الشيوعي، توفي في 5 أغسطس 1895 في لندن.
له العديد من المؤلفات منها: “مبادئ الشيوعية” و”بيان الحزب الشيوعي” بالاشتراك مع ماركس، و”ظروف الطبقة العاملة في إنجلترا”، و”مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي”.