تحول الإسلام إلى أيديولوجيا سياسية
تحول الإسلام إلى أيديولوجيا سياسية
إن العقبة أمام الديمقراطية في الشرق الأوسط تأتي من “أنظمة علمانية” كمصر وتونس والجزائر وسوريا، وهذه أنظمة ذات حزب واحد ورئيس مدى الحياة، وهي عبارة عن صورة مأخوذة من الفاشية الأوروبية، وبعيدة جدًّا عن القرآن، وسنة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام).
ومن ثم فإن فشل العلمانية في الدول العربية من خلال الأنظمة المتسلِّطة عليهم، ونجاحها في تركيا راجع إلى تحوِّل الإسلام إلى أيديولوجيا سياسية متأثِّرة بالفلسفات الأوروبية السياسية، حيث إن الدولة هي التي تشُكل المجتمع، كما أنَّ مفهوم الدولة الإسلامية ومصطلح “معضلة الدولة الإسلامية” عند أبي الأعلى المودودي، والخميني، والإخوان المسلمين ليس مأخوذًا من الشريعة الإسلامية، بل عمليًّا هو قراءة إسلامية للمفاهيم السياسية الحديثة (دولة، ثورة، أيديولوجيا، مجتمع).
ومثل هذه الدولة الإسلامية المعتمدة على المفاهيم السياسية الحديثة، لن يكون الديني هو الذي يحدد مكان السياسي، بل السياسي هو الذي يحدِّد مكان الديني، وهي ذاتها التي تجعل من الدين أيديولوجيا سياسية، فالأدلجة ما هي إلا عودة للسياسي، وتأكيد تفوُّق السياسي على الشريعة التقليدية، ونتيجة ذلك تصبح الدولة تدريجيًّا دولة علمانية تفصل الدين عن السياسة، كما تؤدي الأدلجة إلى انبثاق أشكال جديدة من الدين والتدين، ومن ثم تقود الثورات الإسلامية إلى إقامة علمانية بالفعل، تستخدم فيها السلطة النظام الأخلاقي للحفاظ على موقعها.
وإلى جانب ما سبق يوجد المذهب الإصلاحي الذي يرى أن الدين ما زال بإمكانه أن يؤدي دورًا في المجتمع، حيث يعمل على الفصل بين الشأنين الديني والسياسي، من أجل إنقاذ الديني من قبضة السياسي، وترك الحرية للفقيه والمؤمن العادي على السواء، أكثر من إنقاذ السياسي من الديني كما في فرنسا؛ وإسلام مثل ذلك ليس متوافقًا مع العلمانية والدنيوة فحسب، بل يعمل من أجل الدنيوة، ويبرر العلمانية.
الفكرة من كتاب الإسلام والعلمانية
إن المشكلة في فرنسا ليست في الإسلام ذاته، بل في إشكال عودة الدين الإسلامي المُعاصر المُغرَّب، حيث كان مُسلمو السبعينيات صامتين، ومع بداية التسعينيات شرَعَ المسلمون في الكلام بصفتهم مسلمين، ومن هنا أصبح يُنظر إلى الإسلام كونه عاملًا كامنًا قادرًا على إحداث تغيير جذري في المجتمع الفرنسي، لذلك تريد فرنسا إسلامًا علمانيًّا، ومسلمين علمانيين، أي إسلامًا على الطريقة الفرنسية، فحين تنظر فرنسا في مرآة الإسلام ترى أنها تعيش أزمة هويَّة.
مؤلف كتاب الإسلام والعلمانية
أوليفييه روا Olivier Roy: كاتب وباحث فرنسي، متخصص في الشؤون الإسلامية.
صدر له عدد من الكتب، منها:
الجهل المقدس.
عولمة الإسلام.
تجربة الإسلام السياسي.