تحولٌ مستمر وواعٍ
تحولٌ مستمر وواعٍ
يحتاج كل شيءٍ إلى قدرٍ إضافي من الطاقة والترتيب والاهتمام لكي يحافظ على نفسه، بما في ذلك عالم البِتات غير الملموس، ويمكن لإهمال تحديث صغير أن يزعزع العملية كلها لاحقًا، وهذا يُكسِب التكنولوجيا سمة “التحوُّل” بشكل مستمر؛ ويجعلنا جميعًا مبتدئين نحاول المواكبة دائمًا، ويكسب الإنسان سخطًا مستمرًّا وهو يطارد الأشياء الأحدث التي تختفي أمام ما هو أحدث منها فنفقد الرضا، ولكن ذلك السخط هو دافعنا للإبداع والتطور.
وبين العوالم المثالية المملة (يوتوبيا) والعوالم المأساوية (ديستوبيا) تقودنا التكنولوجيا إلى عالم تقدمي (بروتوبيا Protopia)، وهو حالة من التحوُّل الدائم والتحسُّن التدريجي الذي تصعب ملاحظته، ومع هذه الحالة نحن في حاجة إلى الاعتقاد بأن الأشياء غير المحتملة ممكنة جدًّا؛ فعند انطلاق الإنترنت أول الأمر مثلًا كان مستبعدًا أن يصبح منصة تجارة أو مكتبة تفاعلية، وكان مستبعدًا تمامًا أن يقدم الجمهور الملتصق بالأريكة إنتاجًا يجابه الإنتاج التلفزيوني.
وقوة “الوعي” من شأنها أن تزيد من “التحول”؛ قبل زمن، جاءت الكهرباء لتبثَّ الحيوية في كثير من الأشياء حولنا، واغتنى كثيرون بصنع نسخ كهربائية من الأدوات الموجودة، وفي عصرنا سنضيف الوعي إلى ما زوَّدناه سابقًا بالكهرباء، أي سنضيف إليه الذكاء الاصطناعي المتصل بالشبكة، والذي يمكنه أن يحدث تغييراتٍ كبيرة حين يكون قويًّا ورخيصًا وواسع الانتشار، ومع أن الذكاء الاصطناعي بدا بعيدًا في المستقبل دائمًا فإنه يحدث الآن، بمساعدة ثلاثة اختراقاتٍ كبيرة هي الحوسبة الموازية الرخيصة التي ظهرت مع وحدات معالجة الرسوم GPU التي أمكنها اختصار وقت المعالجات التقليدية من عدة أسابيع إلى يوم واحد، وتدفق البيانات الهائلة التي تُغذِّي الخوارزميات، وتطوير خوارزميات أفضل، وكلما كان الذكاء الاصطناعي أفضل؛ استخدمه أشخاص أكثر، وكلما كثر مستخدموه صار أفضل.
الفكرة من كتاب الحتمي.. فهم القوى التكنولوجية الـ12 التي ستشكِّل مستقبلنا
تتقدَّم التكنولوجيا وتتوسَّع بسرعةٍ كبيرة جدًّا، أكبر من قدرتنا على تهذيبها وترويضها، ومواجهتها بالصد أو التجاهل سيأتي بنتائج عكسية، لذا علينا أن نقبلها بشكلٍ يقِظ، وهذا الكتاب بمثابة دليل يُساعدنا على فهم القوى التكنولوجية المتداخلة التي تشكِّل مسارات التطور.
مؤلف كتاب الحتمي.. فهم القوى التكنولوجية الـ12 التي ستشكِّل مستقبلنا
كيفن كيلي : كاتب ومصور ومتحدث أمريكي، ولد سنة 1952، مهتم بالثقافة الرقمية والثقافة الآسيوية، من مؤلفاته: “ما تريده التكنولوجيا ?What Technology WantK” و”جمال آسيا Asia grace”، و”أدوات لطيفة: قائمة بالاحتمالات Cool Tools: A Catalog of Possibilities”، وكتابه الذي بين أيدينا يُعد من الكتب الأفضل مبيعًا على قائمة نيويورك تايمز.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن أياس: باحثٌ وكاتب ومترجم لبناني، تولى مناصب صحفية كثيرة، وهو مهتم بالاقتصاد والتكنولوجيا والمجتمع والسياسة، ومن أعماله: “التقشُّف” لمارك بلايث الصادر عن عالم المعرفة، و”التسعينات الهادرة” لجوزيف ستيغليتر، و”البندقية وغصن الزيتون” لديفيد هيرست.