تحليل الفكرة الدينية
تحليل الفكرة الدينية
يُطلق مصطلح “الدين” على معانٍ متعدِّدة غير أنها يمكن جمعها في نسق متقارب يدور حول معاني الملك والتصرف والعقيدة والخضوع والطاعة، فهي تدل أن ثمة علاقة بين طرفين أحدهما يخضع للآخر، فهي في حق الأول خضوع وانقياد وفي حق الثاني حُكمٌ وسلطان، أما في أدبيات تاريخ الأديان فنجد أن مصطلح “الدين” لا يخرج عن أحد معنيين أحدهما الحالة النفسية التي نسميها التدين، والمعنى الآخر هو مجموعة المبادئ العقدية التي تدين بها أمة ما من الأمم.
أما إذا انتقلنا إلى تحليل الصفات الخاصة بالشيء الذي يقدِّسه المتدين ألا وهو “الإله” فنجد أنه ليس فكرة تجريدية مُشاهدة أو مما يستطيع عقل الخاضع له الإحاطة به، فهو يعد من الغيبيات التي ترتكز بصفة فلسفية فيما وراء الطبيعة وليس للعقل سبيل في مُجاراته، فهو علة العلل والصانع الأول، كما أنه ليس من جنس الماديات المفعولة، بل مغايرٌ تمامًا، فهو فاعل مختار وفق إرادته، فلا تجري عليه النواميس الكونية الحاكمة للمخلوقات في عالم الشهادة، لذلك فهو متفرد في ذاته وصفاته وأفعاله ليس له شبيه أو ثمة مثال يمكن قياسه عليه.
كما تعد أحد المقومات الأساسية لفكرة “الإله” هي هيمنته على شؤون متبوعيه، فهو لا يعيش منعزلًا في أحد الكهوف، بل يدبر أمور الناس ويسمع شكواهم ويرى حاجتهم ويصرِّف أمورهم وفق إرادته، فهذا الاتصال والتجاوب النفسي وإن كان معنويًّا هو الذي استحق به بصورة أو بأخرى وصف “الإله” واكتسب بذلك صفة التقديس من مريديه والخاضعين له، ومن هنا يُفهم السر وراء تقديس الوثنيين للحجارة والأصنام، فهم ما عبدوها لذاتها الحجرية فقط، بل لما اعتقدوا فيها من أسرار وقوى غيبية قادرة على النفع والضرر وتتحكَّم بذلك في جعل الأشياء تسير وفق إرادتها، لذلك كانت تُقدَّم لها القرابين لنيل رضاها المعنوي واتقاءً لغضبها المزعوم، فالقدر المشترك بين جميع الآلهة وإن اختلفت صورها هي أنها قوة خفية شاعرة مدبِّرة تُصدر أفعالها بمحض اختيارها وإرادتها.
الفكرة من كتاب الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
يُطلق مصطلح “الدين” على معانٍ متعدِّدة غير أنها يمكن جمعها في نسق متقارب يدور حول معاني الملك والتصرف والعقيدة والخضوع والطاعة، فهي تدل أن ثمة علاقة بين طرفين أحدهما يخضع للآخر، فهي في حق الأول خضوع وانقياد وفي حق الثاني حُكمٌ وسلطان..
يعدُّ الكتاب إحدى الدراسات التي قام بها المؤلف في مجال تاريخ الأديان وعوامل نشأتها ودورها المجتمعي، كما عمل على تحليل الفكرة الدينية في حد ذاتها واستنباط عناصرها النفسية، وعلاقتها بالعلوم الحياتية، وفك الاشتباك الحاصل بين الدين من ناحية والفلسفة والأخلاق من ناحية أخرى.
مؤلف كتاب الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
محمد عبد الله دراز: مفكر وباحث إسلامي مصري كبير، وُلد في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ في عام ١٨٩٤م، وحصل على شهادة العالمية عام ١٩١٦م، ودَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه، وعمل مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، وقد وافته المنية في أثناء حضوره مؤتمر الأديان الكبير في «لاهور» الباكستانية سنة ١٩٥٨م، حيث توفي خلال إحدى جلسات المؤتمر.
له العديد من المؤلفات أبرزها:
النبأ العظيم.
الصوم تربية وجهاد.
نظرات جديدة في القرآن.
دستور الأخلاق في القرآن.