تحسُّن فيصل.. وانقلاب مفاجئ
تحسُّن فيصل.. وانقلاب مفاجئ
تحسّنت قدرة فيصل البدنية وأصبح أكثر نشاطًا وحيوية مما جعل الممرضة تبتعد عنه تدريجيًّا، ليدفع ذلك إليزابيث إلى تكثيف تعليمه، فقررت مشاركة فيصل في صحبة مجموعة من الأطفال مثله، وقد رحّبت الملكة عالية وفيصل نفسه بذلك وسط مساعدة الحرس والجنود وتشجيع عبد الوهاب بك، وفي السباقات؛ كان دائمًا ما يُغلَب ويصبح الأخير رغم محاولات إليزابيث لتشجيعه، حتى إن الملكة واسته قائلةً له بأنها رأته الأول، فأجابها فيصل: “لا، ستي، لم أكن أولًا في السباق، كنت الأخير، وأنا لا أهتم لذلك، بل أحب أن أكون الأخير”.
وقد أرادت إليزابيث إحاطته ببيئة عربية تناسب الحياة التي سيكون عليها، فأقرب شخصين له أجانب، وهما الممرضة بورلاند والدكتور سندرسون، أما في الخارج، فقد بدأت “بتي” تُلاحِظ تخوُّفات الملكة وأوامرها بعدم خروج فيصل إلى الحديقة وتأمينه، وقد طلبت الملكة منها إرسال رسائل لأصدقائها البريطانيين في بغداد لتعبر عن مخاوفها، ولقد بدأت إليزابيث تدرك أن خطأ العائلة المالكة الوحيد كان في ولائها لبريطانيا في الوقت الذي لم تهتم السفارة البريطانية بها!
أصبحت الأمور أكثر خطورة مع إعلان القائد العام للقوات المسلحة، رشيد عالي الكيلاني، استيلاء الجيش على السلطة وإعلان حالة الطوارئ، وتمت السيطرة على القاعدة الجوية الملكية، لتقوم القوات البريطانية بقصف المعسكر وتدمير أغلب الطائرات العراقية، كما أن “بتي” احتُجزِت في مركز شرطة في أثناء محاولتها إرسال رسالة الملكة إلى الزملاء البريطانيين، ثم اتجهت إلى مقر البعثة الأمريكية الذي كان يستقبل الأجانب لحمايتهم، وهناك حُوصر المقر من قِبَل القوات العراقية.
الفكرة من كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
في الساعات الأولى من يوم 14 يوليو لعام 1958م، فوجئ العالم أجمع بخبر سقوط الحكم الملكي الهاشمي بالعراق وإعلان العهد الجمهوري، ولم يكن ذلك الحدث عاديًّا كأي ثورة أو سقوط لنظام حُكم، فلقد شهِد عملية قتل جماعي لجميع أفراد العائلة المالكة بمن فيهم ملك العراق الأخير الشاب فيصل الثاني.
وبما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فلم تُتح اللحظة للنظر في تاريخ وشخصية هذا الملك الصغير الذي انتقل الحكم إليه وهو في عامه الثالث ليصبح أصغر ملك في العالم، وقد تطلَّب الأمرُ نحو خمسين عامًا لكي يقوم شخصان بنشر مُذكراتهما، كونهما أقرب فردين للملك الصغير آنذاك، وهما إليزابيث موريسون، المُربية الأولى لفيصل ويُكنّى اسمها بـ”بتي Betty”، ومايكل آرنولد صديق فيصل في طفولته.
مؤلف كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
إليزابيث موريسون: هي معلمة إنجليزية عملت مُربية ومُعلمة للملك فيصل الثاني في صغره لأكثر من عامين.
مايكل أرنولد: هو كاتب أيرلندي الأصل، انتقل إلى العراق خلال الحرب العالمية الثانية مع احتلال ألمانيا النازية لبولندا، وأصبح صديقًا مقربًا للملك فيصل الثاني في طفولتيهما، وقد ألف كتاب “لعبة النرد.. رحلة صبي عبر ثلاث ثقافات”.
معلومات عن المترجم:
علي أبو الطحين:كاتب ومترجم عراقي، اهتمَّ بإعداد وجمع الُمؤَّلفات والمُذكِّرات ذات العلاقة بالحُكم الملكيّ الهاشمي في العراق، ومن أهم أعماله كتاب العائلة المالِكة في العراق، الذي تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي نجت من الحرب، وتدمير قصر الزهور بعد الاحتلال الأمريكي.