تحرير المصطلحات ضرورةٌ للفَهم
تحرير المصطلحات ضرورةٌ للفَهم
إن المصطلحات هي ما اصطلح عليه جماعة من الناس للتعامل فيما بينهم، وألفاظها إنما هي قوالب المعاني، فهي الناقل للتصورات التي تنقدح في الذهن البشري، ويتداخل العديد من العوامل في تحديد مدلولاتها، فبالإضافة إلى عوامل الزمان والمكان نجد أيضًا عوامل كالحضارة واللغة والدين والعرف والتاريخ والعلوم المختلفة، ذلك أن مدارك المعرفة البشرية تنتظم وفق مسالك أربعة تتمثَّل في العقل والنقل والتجربة والوجدان، ولذا قد تختلف مضامين الألفاظ ودلالاتها من أمة إلى أخرى ومن زمان إلى آخر، بل حتى من حقل علمي إلى غيره.
وإنما ينشأ الخلاف نتيجة عدم تحرير معاني الألفاظ المستخدمة في الحوار، خصوصًا تلك المبهمة التي قد تحمل أكثر من معنى وربما يكون بعضها متقابلًا، فالألفاظ وسائل المعاني ومتى استقرت تلك المعاني وتم الاتفاق بشأنها فلا مشاحة إذًا في الاصطلاح، لأن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، ونحن إذا تتبَّعنا الثقافة الإسلامية نجد أنها في بادئ أمرها اقتصرت على المفاهيم الشرعية المستقاة من الكتاب والسنة.
ولكن مع تنامي الفتوحات الإسلامية ودخول أتباع الأمم الأخرى في الإسلام، إضافة إلى احتكاك المسلمين بالثقافة اليونانية عبر ترجمة مؤلفاتهم دخل بذلك العديد من المصطلحات الجديدة إلى الثقافة الإسلامية كعلوم المنطق والفلسفة وعلم الكلام ونحو ذلك، وفي عالمنا المعاصر نجد بعض المصطلحات الدخيلة على ثقافتنا كالعلمانية والليبرالية والديمقراطية، مما أوجب نوعًا ما من التداخل بين المعاني، لذا كان لا بدَّ من تحرير الألفاظ والمصطلحات حتى يتم فض هذا الاشتباك.
الفكرة من كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
مع تنامي ظاهرة الجدل والصدام الثقافي وقضايا الاستشراق والغزو الفكري بين المعسكرين الغربي والإسلامي، تأتي أهمية هذا الكتاب في طرحه العديد من المصطلحات التي تمثل في جوهرها قضايا شائكة وأسئلة محيرة للمجتمعين العربي والغربي على السواء، وقد تعدَّدت تلك الإشكاليات من قضايا سياسية إلى اجتماعية وعقدية، مما يضفي على الكتاب لونًا من المنهج الثقافي المقارن لتقريب وجهات النظر وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
مؤلف كتاب معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام
محمد عمارة مصطفى عمارة: كاتب ومفكر إسلامي مصري، ولد في 8 ديسمبر 1931 بمحافظة كفر الشيخ، وحصل على الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية 1965م من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من الكلية نفسها، شغل عضوية كلٍّ من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وهيئة كبار علماء الأزهر، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، كما كان رئيس تحرير مجلة “الأزهر” حتى 16 يونيو 2015، توفي في مساء يوم الجمعة 28 فبراير عام 2020.
ألَّف محمد عمارة ما مجموعه 147 كتابًا، منها تحقيق 13 عملًا كبيرًا ابتداءً من الأعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوي، وانتهاءً بكتاب “السنة والبدعة” للشيخ محمد الخضر حسين، كما ألَّف خمسة كتب بالاشتراك مع آخرين، ومن أبرز مؤلفاته الأخرى:
التراث والمستقبل.
الغرب والإسلام.
الحركات الإسلامية: رؤية نقدية.