تحديات وبدائل
تحديات وبدائل
بعد الحديث عن هذا الكم والكيف الهائل من التخمة التكنولوجية الطاغية على حياتنا اليومية، يتبادر إلى الأذهان بداهة السؤال عن الحلول والبدائل؟
إلا أننا نؤكد أن الحل لا يكمن في مقاطعة هذه التقنيات بالكلية أو الهروب منها، إنما بتحدي أنفسنا ومحاولة البحث عن بدائل تسدُّ الفجوة التي كانت تشغلها هذه التقنيات، وخصوصًا في فترات التراجع والتقنين للتقليل من الأعراض الانسحابية لهذا النوع من الإدمان.
ومن بين هذه البدائل التي أشار إليها الكتاب “التأمل”، إذ تساعد حالة الاسترخاء المصاحبة لتمارين التأمل التخفيف من أعراض التيقظ الملازمة لاستخدام هذه التقنيات مما يعود على أذهاننا بالكثير من الفائدة، ولا يتوقَّف النفع عند هذا الحد إذ يشير عدد من الدراسات -كما أسلفنا- أن الأفكار الأكثر إبداعًا تقفز إلى خيالاتنا في حالات الشرود والملل والاسترخاء أكثر من وجودها في حالة التحفز واليقظة، وهذا ما يشير إليه “مينغ تان” رئيس معهد القيادة “ابحث في داخلك”، مبرهنًا على أهمية التأمل والاسترخاء في توليد الأفكار الإبداعية ونضوجها فيقول: “إن اليقظة ليست قوة إدراكية مثل الشرود الذهني”، ثم يعود موضحًا دور هذا الشرود في تركيز الأفكار ووضوحها في مخيلتنا: “إني أطبق الملاحظة اللحظية غير المحددة، ولكني هذه المرة أسمح للأفكار بالتشكُّل والتلاشي كما تشاء، وبالتالي أصبحت المراقب، أراقب تيارًا من الأفكار، وذلك العقل مُوَاتٍ جدًّا للإبداع”.
وهذا ما نود التنبيه إليه في نهاية هذه الفقرات؛ أن عقولنا تحتاج إلى الراحة كما تحتاج إلى العمل، ما دام الهدف هو الإبداع والتميُّز، فالشرود والملل والراحة حاجات أيضًا!
الفكرة من كتاب ملول وعبقري
أثَّر دخول التكنولوجيا والسوشيال ميديا في حياتنا بشكل كبير، فنحن نقع تحت قصف معلوماتي مستمر وحالة استهلاك مستنزفة وإجهاد عقلي متواصل، مما لا يتيح لهذه الكتلة الصغيرة المسماة بالدماغ قليلًا من الراحة أو الشرود، وهذا له نتائج وخيمة على المدى البعيد، إذ تشكِّل حالة الاستثارة الذهنية المتواصلة هذه تبلدًا فكريًّا وفقرًا إبداعيًّا، إضافة إلى التمركز حول نفس العادات والتقاليد اليومية التي تكسر عصا التجديد والابتكار.
وبناءً على ما تقدم تحدثت المؤلفة في هذا الكتاب عمَّا يسمى في علم النفس الإدراكي “الشرود الذهني”، وكيف يمكن للابتعاد عن الروتين الصاخب والملل أن يولِّدا أهم الأفكار إبداعًا وعبقرية.
مؤلف كتاب ملول وعبقري
“منوش زمردي”: صحفية ومضيفة بودكاست ومؤلفة، تركت في عام 2018 محطة “WNYC” لتأسيس شركتها الإعلامية الخاصة “Stable Genius Productions” مع زميلتها “جين بويانت”، وشهد عام 2020 بداية توثيق شركتهما في البودكاست.
وإضافةً إلى هذا الكتاب “ملول وعبقري” الذي أعادت به اكتشاف الجانب الرائع والمفقود للملل، فإن لها كتاب “شرارة: كيف تحرِّر دماغك من التكنولوجيا لإشعال إبداعك؟ – Spark: How to Free Your Brain from Technology to Ignite Your Creativity”.
معلومات عن المترجمة:
“فرح عمران”: مدوِّنة ومترجمة، ومن أعمالها:
الغريب.
أليس في بلاد العجائب.
فن النفوذ الصامت.
ماذا يعني أن تكون معلمًا؟