تحديات عالم الصحافة الإلكترونية

تحديات عالم الصحافة الإلكترونية
تواجه الصحافة الإلكترونية تحديات خطيرة، أهمها: اختلال التوازن بين السرعة والدقة، فمع سرعة تدفق المعلومات وانتشارها، تتسارع المواقع الإخبارية للحصول عليها، كي تنفرد بنشر الأخبار الحصرية، فتجذب الزائرين وتزيد نسب المشاهدة، لذا يجب على الصحفيين التدقيق في صحة المعلومات، والاعتماد على أكثر من مصدر، كما ينبغي لهم الاعتراف بأخطائهم للحفاظ على مصداقيتهم ونزاهتهم. ومن الإشكاليات التي تواجه الصحافة الإلكترونية، تغطية الأزمات والأحداث المأساوية لما لها من تأثير خطير في الجماهير، ففي أوقات الأزمات يصبح الإعلام سلاحًا ذا حدين، إما أن يقدم التغطية بطريقة استفزازية، فيتسبب في انتشار الشائعات وتضخيم الأحداث، وإما أن يلتزم الشفافية فيقدم تغطية موضوعية تمكن الجماهير من فهم مجريات الأحداث، مما يساعد على التخفيف من عواقب الأزمة وتهدئة الرأي العام، يتطلب ذلك أن تكون الصحافة حرة تلتزم المبادئ الأخلاقية، وأن يكون الفريق الإعلامي مدربًا للتعامل مع الأزمات، حتى يستطيع فهم سياق الأزمة فهمًا صحيحًا وتقديمها بشكل متوازن.

وتعد الهيمنة الثقافية من أخطر الإشكاليات على الوسائل الصحفية، كأن تستخدم النخب الحاكمة الثقافة لترسيخ سلطتها من خلال التحكم في وسائل الإعلام والمنصات الصحفية، كذلك عندما تمارس الجهات المموِّلة لوسائل الإعلام ضغوطات عليها، فتجبرها على تقديم القضايا والأخبار بالطريقة التي تخدم مصالحها، كل ذلك يؤدي إلى التأثير في القرارات السياسية، وتهميش الأقليات الثقافية والاجتماعية، وتفاقم الانقسامات بين طبقات المجتمع، لذا يجب على الصحفيين عدم الاعتماد على المصادر الرسمية إلا بعد التحقق من صحتها، وتقديم السياق التاريخي والثقافي عند تغطية أي خبر لفهم الأحداث المرتبطة به، كما يجب على وسائل الإعلام الإفصاح عن مصادر التمويل والملكية، حتى يستطيع الجمهور تقييم المحتوى بموضوعية، ويُفضَّل أن تتحول نحو الاشتراكات المدفوعة عبر الإنترنت كنموذج جديد للتمويل، فتحافظ على استقلاليتها.
ومع توسع وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت إشكالية معقدة وهي انتهاك الخصوصية لزيادة المشاهدات على حساب الأخلاقيات، ومن أخطر صورها حصد المواقع والتطبيقات بيانات المستخدمين دون علمهم، ورصد أنشطتهم على الإنترنت، مما يؤدي إلى تعريض الآخرين للخطر، وهذه الإشكالية تتطلب وضع آليات للمحافظة على خصوصيات الأفراد وحقهم في الحفاظ على سرية بياناتهم، أو حذفها إذا كانت كاذبة أو مضللة.
الفكرة من كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
تعود بداية ظهور الصحافة الإلكترونية إلى أواخر الثمانينيات، بعد تطوير الشبكة العالمية WWW، ومع دخول الألفية الجديدة توجهت الصحف نحو الويب لنشر محتواها، ثم شهدت تغييرات جذرية مع ظهور المواقع الإخبارية على الإنترنت، ودخول الصحافة والإعلام عالم وسائل التواصل الاجتماعي. أدى هذا التطور الهائل إلى انتشار المعلومات بسرعة هائلة، وحصول القراء على الأخبار والتحديثات المستمرة في أي زمانٍ ومكان، كما أصبح في مقدورهم التفاعل مع المحتوى الصحفي من خلال التعليقات والمشاركة، وتبادل النقاشات والآراء مع الآخرين، وقد صاحب ذلك التطور ظهور عديد من التحديات، كانتهاك الخصوصية، وانتشار المعلومات الزائفة، والهيمنة الثقافية، والفقاعات المعلوماتية.
لذا يناقش الكتاب هذه التحديات، ويحاول إيجاد حلول مناسبة لها، كما يتناول أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال الصحافة، خصوصًا عند جمع البيانات وتحليلها، كما يتطرق إلى أخلاقيات مهنة الصحافة وأهميتها في العصر الرقمي الذي نعيشه الآن.
مؤلف كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
الدكتور خَالِد مُحمَّد غَازِي: حصل على الدكتوراه في الإعلام عام ٢٠٠٩، وهو كاتب وصحفي مصري، ورئيس تحرير وكالة الصحافة العربية، ورئيس تحرير جريدة صوت البلد الأسبوعية المستقلة، وحاصل على جائزة الدولة للإبداع عام 1996، من مؤلفاته:
صناعة الكذب: كيف نفهم الإعلام البديل.
ما بعد العولمة، صناعة الإعلام وتحول السلطة.
عقول خفية.. استراتيجيات الإعلام والحرب النفسية.