تحت سقف واحد
تحت سقف واحد
هل سمعتم عن الطلاق العاطفي؟ إنه ذلِك الذي يجعل الزوجين على بُعد مسافات رغم أنهما تحت سقف واحد! ينفصلان تمامًا في الشعور، لكنهما اختارا أن يصبرا من أجل الأبناء، أو خوفًا من ضغط الأقارب، ويحدث هذا لعدة أسباب، منها: جفاف أحد الزوجين وجمود عاطفته، وضعف الإيمان، وسوء التوافق الجنسي، وكذلك البخل في التعبير عن المشاعر، والانشغال التام عن الطرف الآخر، وبالتأكيد كثرة تدخل الأهل، والحلول تكمن في تطوير الذات والتوافق والتراضي والتعبير عن ما كُتِمَ من تراكمات في النفس، وكسر الروتين، وقبل هذا كلّه القرب من الله تعالى والدعاء المستمر.
وفي هذا الإطار فقد تم الاستفسار العشوائي عن أكثر أسباب الطلاق، وكانت النتيجة تتمثّل في تدخلات الأهل، وانعدام المسؤوليّة، وسوء معاملة أحد الزوجين، والخيانة، وعدم التوافق العاطفي، والفروق الاجتماعية والتعليمية، وكذلك عدم الإنجاب، ولكن النسبة الساحقة كانت لتدخلات الأهل أولًا، ثم لسوء معاملة أحد الزوجين، وبعد ذلك عدم تحمّل المسؤولية، هذا وقد كثرت حالات الطلاق بشكل مهول -خصوصًا ما بين العامين الأول والثالث- بسبب تشوهات فكرية وتدخل لا أصل له من الوالدين، وتربية ابن معدوم الشخصية لا يعرف اختيار أبسط حقوقه، فنحن ندرك أن الأهل غالبًا ما يحاصرون أبناءهم بجملة “نحن أدرى بمصلحتك”.
وهنا جدير بنا أن نشير إلى أن النوع الذي يكرر أخطاء التربية التي تعرّض لها سوف يسهم في نشأة أبناء مشوهين نفسيًّا وفكريًّا، فالطفل يكتسب سلوكيات من يراهم أمامه ويقلدهم، لذا لا تكرروا ما تعرّضتم له من أساليب خاطئة في التربية، واجعلوا علاقتكم بالأبناء تسودها الرحمة والتفاهم وليس الإرهاب والتسلط.
وكذلك من الضروريّ أن يتعلّم الأبناء معنى الاحترام والخصوصيّة، ومن ضمن هذا خصوصّية غرفة النوم، التي يكون الإنسان فيها بكامل حريته بعيدًا عن ضوضاء الحياة الخارجيّة، ومن ضمن التعليمات التي ينبغي الحرص عليها، تعليم الأبناء احترام خصوصية الوالدين وأن عليهم الاستئذان الدائم، كذلك عدم وضع الأشياء التي تستخدم من قبل الجميع،كيلا يدخل الأبناء ويخرجوا كلّ دقيقة، وأيضًا نظافة الغرفة وعدم جعلها مخزنًا للحاجيات القديمة، وأخيرًا عدم جعلها مكانًا لتصفح مواقع التواصل والمكالمات الهاتفيّة.
الفكرة من كتاب GPS كيف تعيش سعيدًا بعد الزواج
من كوارث هذا العصر محدودية الفكر تجاه الزواج، أو بالأصح التصوّر السطحي والمثالي للحياة الزوجيّة، والنّظر في عيوب الآخر دون محاسبة النّفس على أي شيء يصدر منها، إذ إنّ اللغة السائدة في عصرنا هي لغة اللوم والتأنيب للطرف الآخر، وتجاهل السلبيات الناتجة من قِبل الذات، ولذلِك ينبغي نشر الوعي والثقافة التي تخصّ العلاقات الزوجيّة، ومعرفة حدودها وأنماطها الصحيّة السويّة.
مؤلف كتاب GPS كيف تعيش سعيدًا بعد الزواج
علي موسى: كاتب مصريّ الجنسيّة، خبير في العلاقات وتطوير الذات، وتدور مؤلّفاته حول هذا النوع من الكتب، فقد ألّف كتاب: “تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية“، وكتاب”الزم حدودك.. روشتة واقعيّة للتعافي من العلاقات المؤذية“.