تحت تأثير المخدر
تحت تأثير المخدر
يُعرَّف التخدير على أنه غياب الألم مصحوبًا أو غير مصحوب بغياب الوعي، وفي حالة التخدير الكلي يحدث غياب للوعي ويكون مصحوبًا بالنسيان وتسكين الألم وارتخاء العضلات، ويعتمد أطباء التخدير على ممارسة تُعرَف باسم التخدير المتوازن، ويعني الاستخدام المتوازن لمجموعة من الأدوية للحصول على التأثير المطلوب بتقليل جرعة كل دواء منفردًا بهدف الحد من آثاره السلبية، والتخدير أقرب إلى الغيبوبة العميقة إلا أنه يمكن التحكم فيه.
ويتبادر لذهن غير المختصين أن التخدير درجتان فقط وهما إما وعي وإما لا وعي، ولكن في الحقيقة أن أدوية التخدير تسبِّب خطًّا ممتدًّا عليه تداخلات بين درجات الوعي المختلفة، وهي بحسب تعريف الجمعية الأمريكية لأطباء التخدير تتراوح بين التنويم البسيط وفيه يستجيب المريض بشكل طبيعي للأوامر الصوتية، والتنويم المتوسط وفيه يستجيب المريض لمؤثرات اللمس، والتنويم العميق وفيه يستجيب المريض في حال تكرار المؤثرات أو إذا كانت المؤثرات مؤلمة، وفي التخدير الكلي لا يستجيب المريض لأي مؤثر، وتعمل أدوية التخدير على تثبيط منطقة التشابك الشبكي الموجودة في جذع المخ والمسؤولة عن اليقظة، وبعضها يسبِّب فقدانًا وقتيًّا للذاكرة، والبعض الآخر يُغيِّر من درجة الإحساس بالألم فيفصل بين المخ وبين الإشارات القادمة من باقي الجسم فتمر الإشارة دون معنى، والبعض الآخر قد يسبِّب توهُّمات دينية أو جنسية.
ويعُرَّف الوعي على أنه مجموعة الخواص المتراكبة والمتداخلة والتي تعني اليقظة والانتباه والذاكرة والتعلم والتفكير والإرادة والتخيل والذاتية والتصميم والدهاء وغيرها من الخصائص، ويُفسر الوعي من خلال نموذجين مختلفين أحدهما لا ينتمي إلى العالم المادي ولا يمكن تفسيره بسيالات الكهرباء والنشاط العصبي، والنموذج الآخر يؤمن أن الوعي ظاهرة مادية تعتمد في تفسيرها على التشابك العصبي بالمخ، وبذلك يظل الوعي عصيًّا على التفسير، وكذلك يظل التخدير وتغييب الوعي عصيًّا على التفسير بشكل كلي، فالفرق بين النوم والغيبوبة والتخدير هو أن النوم حالة من غياب الوعي وعدم الانتباه يُمكن لها أن تنعكس سريعًا وبشكل تام.
ويخضع النوم لمراحل ثابتة يُمكن تقسيمها إلى مرحلة حركة العين السريعة، والأخرى مرحلة حركة العين غير السريعة، أما الغيبوبة فإنها تختلف تمامًا عن النوم ولا ينتج عنها نفس نشاط المخ الناتج عن النوم ولا يمكن عكسها بسهولة، بل تحتاج إلى أوقات طويلة حتى يتعافى الدماغ، وكذلك التخدير يختلف تمامًا عن النوم الفسيولوجي وعن غياب الوعي الناتج عن الغيبوبة.
الفكرة من كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
ما الذي يحدث للجسم تحت تأثير المخدر، ومتى ظهر التخدير بوصفه علمًا مستقلًّا، وما طبيعة عمل طبيب التخدير وما يواجهه من تحديات، وهل حقًّا جرعة البنج الزائدة هي السبب في كثير من مضاعفات الجراحات المختلفة كما هو سائد في الأوساط المختلفة؟! وما مستقبل التخدير كعلم وممارسات. يتناول هذا الكتاب علم التخدير وآثاره وطبيعته ومستقبله في محاولة لأنسنة غرفة العمليات، وهذا ما نلقي الضوء عليه هنا.
مؤلف كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
أحمد سمير سعد: مدرس بقسم التخدير بكلية طب قصر العيني، قاص وروائي ومهتم بتبسيط العلوم، حصل على المركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة فرع القصة القصيرة عام ٢٠٠٩، والمركز الثاني في مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكُتاب فرع القصة القصيرة عام ٢٠١٤، وجائزة الشارقة للإبداع عن مجموعته القصصية “ممالك ملوَّنة”.
له عددٌ من الأعمال الأدبية، منها: رواية “سِفر الأراجوز”، و”تسبيحة دستورية” (نص أدبي)، وله مجموعات قصصية للأطفال مثل: “الضئيل صاحب غيَّة الحمام”، و”طرح الخيال”، ومن أعماله أيضًا كتاب “لعب مع الكون”، وهو كتاب في العلوم وفلسفتها نُشر عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى عدد من المقالات العلمية والأدبية والقصص المنشورة في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية.