تجليّات الأمومة.. مهارات لن تكتسبها إلا بوجود طفل
تجليّات الأمومة.. مهارات لن تكتسبها إلا بوجود طفل
رأينا كيف أن الأمومة تمثل تحولًا جذريًّا في حياة المرأة على المستويات كافة، تتغير الشخصية والهرمونات، وتتبدل الأولويات ويصبحن أكثر تحملًا للمسؤولية في المجمل، وأكثر شجاعة وأقل خوفًا، ففي النهاية لا تصبح الحياة بعد الأمومة كما كانت قبلها!
تحفز الأمومة الأنثى للرعاية والحماية المستمرة وتحمل صعاب لم تكن تتخيل أنها قد تتحملها قبل أن تصبح أمًّا، إذ يلعب الأوكسيتوسن دورًا في مكافحة التوتر، كما يلعب البرولاكتين دورًا في تخفيف الخوف والقلق، ومع نظرة إيجابية إلى الأمومة تتحول النساء إلى شخصيات مرنة مسيطرة متكيفة شجاعة بقدر أكبر ممن لديها نظرة سلبية أو تجربة سيئة تجاه الأمومة. وربما تكون أكبر تلك القرارات جرأة وشجاعة ما تتخذه بعض الأمهات من التخلي عن الطموح المهني في سبيل الطموح المنزلي، أو تحويله إلى شكل آخر يتناسب مع طبيعة المهمة الجديدة، وعند بعضهن تمثل المهمة الجديدة حافزًا لتنافسية أكبر وعمل أكثر!
ليس هذا فحسب؛ يبدو أن الأمومة تعمل على إثراء جانب الذكاء العاطفي لدى الأم، فمن خلال الرعاية المستمرة لإنسان آخر منذ نعومة أظفاره يجب عليها فهم حركاته وسكناته وتفسير تعابير وجهه وتقطيب حاجبيه والتواصل مع ذلك كله تواصلًا فعّالًا ناجحًا، وكل هذا يثري مهاراتها العاطفية والاجتماعية، فتصبح أكثر تفهمًا وتكتسب فراسةً في قراءة الأطفال، بل والبالغين أيضًا، وفهم تعبيراتهم واحتياجاتهم المختلفة دون أن ينطقوا بكلمة واحدة تمامًا كالأطفال!
ويعد التقمص العاطفي صورة من صور الذكاء العاطفي الذي تكتسبه الأم، فمن لديه القدرة على تبادل التعبيرات المختلفة وقراءتها مع الطفل كالأم؟! فهي التي تستطيع اكتشاف أن ما يمر به طفلها الآن مغص وليس جوعًا من خلال هذه الحاسة الفريدة من نوعها.
الفكرة من كتاب دماغ الأم: كيف تثري الأمومة ذكاءنا وتنمي قدراتنا
لقد دفعت الإنسانية كلها ثمن التطور التكنولوجي والنزعات الاستهلاكية والإعلانات التجارية ونزول المرأة للمساهمة في إدارة عجلة الرأسمالية!
ففي زماننا هذا حتى الأمومة أخذت أشكالًا أخرى، وزادت متطلباتها ومسؤولياتها وأصبح من الواجب على كل أمٍّ أن تواكب ذلك التسارع، مع المحافظة على هدوئها وصحتها النفسية وبخاصة مع غياب وفقدان مفهوم الأسر الممتدة والعلاقات الاجتماعية الواسعة التي كانت تسهم في عملية التربية من قبل.
ومع وفرة المصادر المعلوماتية، حمّلت الأم بمسؤولية الرعاية الصحية والثقافية والنفسية والترفيهية، وقلت ثقتها بالمصادر الأخرى التي توفر تلك الخدمات، وأصبح المجتمع ينظر إليها باعتبارها السبب الأول والأوحد في الفشل أو النجاح الأكاديمي أو الصحي للأبناء، تحديات كثيرة تواجه الأمومة وتغيرات عديدة تبدأ من الشهور الأولى للحمل وتستمر لسنوات عدة، سنحاول المرور بها بشكل مختصر ومبسط في كتابنا هذا.
مؤلف كتاب دماغ الأم: كيف تثري الأمومة ذكاءنا وتنمي قدراتنا
كاثرين إليسون: ولدت عام 1957م، وهي كاتبة أمريكية ومحققة صحفية، حازت جائزة بوليتزر للتقارير الدولية عام 1985م إثر عملها الجاد في تغطية قضايا الفساد في الفلبين، وكتبت عديدًا من المقالات، كما شاركت في إعداد وتأليف كتب عدة منها:
Imelda.
Mothers & Murderers: A True Story of Love, Lies, Obsession.. And Second Chances.
Loving Learning: How Progressive Education Can Save America’s Schools.