تبعية الأخلاق للدين
تبعية الأخلاق للدين
بحث الفلاسفة ثلاث صور ممكنة للعلاقة بين الأخلاق والدين، أولاها “تبعية الأخلاق للدين” واعتمدوا على أصلين اثنين، الأول: “الإيمان بالإله” حيث يرون أنه ما دام الغرض من الأخلاق هو رسم طريق الحياة الطيبة للإنسان، فلا شيء يبلغ مبلغ الدين في الحرص على تحقيق هذا الغرض، والثاني: “إرادة الإله” آخذين بصفات الإله الواجبة في حقه، ولا سيما الصفات التي تكون باعثة على الأفعال الخلقية؛ وأولى هذه الصفات أن الإله مُريد بإرادة كاملة، وتجليات تلك الإرادة في جملة الأوامر والنواهي الصادرة عنه.
وقد تعرضت تلك الفلسفة الأخلاقية التي تجعل الأخلاق تابعة للدين لعدة اعتراضات، أهمها هذا السؤال المزدوج: هل الخير خير لأن الإله أمر به، والشر شر لأن الإله نهى عنه؟ أم هل أمر الإله بالخير لأنه خير، ونهى عن الشر لأنه شر؟ فلو أجاب الأخلاقي المتدين بأن الخير خير لأن الإله أمر به، والشر شر لأن الإله نهى عنه، لوجب أن يكون كل مأمور به خيرًا حتى لو كان عند العقل شرًّا، وأن كل منهي عنه شر حتى لو كان عند العقل خيرًا.
وإذا أجاب بأن الإله أمر بالخير لأنه خير، ونهى عن الشر لأنه شر، لوجب أن يكون الخير والشر مستقلين عن إرادة الإله، بل وتكون إرادة الإله تابعة لهما، وبناءً على ذلك فإن أي إجابة سوف يجيب عنها الأخلاقي المتدين سوف توقعه في ورطة.
الفكرة من كتاب سؤال الأخلاق.. مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية
قد التبس الأمر على دُعاة العقلانية من المُحدَثين، فظنُّوا أن العقلانية واحدة لا ثاني لها، وليس الأمر كذلك، إذ تأتي العقلانية على قسمين، فهناك “العقلانية المجردة من الأخلاقية” وتلك يشترك فيها الإنسان مع البهيمة، وهناك “العقلانية المُسدَّدة بالأخلاقية”، وتلك يختص بها الإنسان عمَّن سواه، فالأخلاقية هي ما يكون بها الإنسان إنسانًا، إذ يجب أن تتجلى الأخلاقية في كل فعل من أفعال الإنسان.
مؤلف كتاب سؤال الأخلاق.. مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية
الفيلسوف المغربي المجدد طه عبد الرحمن، متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي.
كتب العديد من الكتب التي يؤسس من خلالها فلسفة إسلامية جديدة، ومن تلك الكتب: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”، و”ما بعد الدهرانية”.