تباين تأثير العائلة في القدرات المعرفية
تباين تأثير العائلة في القدرات المعرفية
بعد تبين أن لبيئة العائلة تأثيرًا في معدل الذكاء الفردي، تتبادر إلى الذهن أسئلة من قبيل “هل تؤثر بيئة العائلة في كل القدرات المعرفية بالقدر نفسه؟ وما العامل المحدد لشدة هذا التأثير في قدرة معرفية بعينها دون الأخرى؟”.
للإجابة عن هذا السؤال نستخدم جداول البيانات من اختباري القدرات المعرفية وِكْسْلَر وستَانفُورد-بِينِيه، وعند مقارنة البيانات الواردة من كلا الاختبارين في أعوام مختلفة وربط هذه البيانات بالبيئة العائلية للأطفال، نلاحظ تأثير بيئة العائلة بشكل متباين في القدرات المعرفية، ويمكن مقارنة نتائج المهارات المعرفية التي اختُبِرَت وتصنيفها إلى ثلاثة أصناف: الصنف الأول: مهارات المفردات والفهم والمتشابهات، تندرج هذه المهارات تحت استخدامات الحياة اليومية، إذ تتضمن حديث الأطفال مع آبائهم والمصطلحات المستخدمة في المنزل ولغة التواصل اليومية، وتظهر بيانات ما بعد العام ٢٠٠٠ أن المتوسط الحسابي لنسبة التباين المفسرة بالعائلة قد بلغت ٥٣% في سن السابعة، واستمر تأثير العائلة في هذه القدرات حتى بعد البلوغ.
بينما الصنف الثاني من القدرات المعرفية هو: مهارات تصميم المجسمات وإكمال الصور، بلغ معدل التباين المفسر بتأثير العائلة ٨% فقط في سن السابعة وتلاشى تمامًا في سن الثانية عشرة، وتعد هذه المهارات إحدى الطرائق التي يمكن من خلالها تبين تأثير الذكاء الوراثي إذ يتلاشى فيها تأثير العائلة مبكرًا وتتطابق القدرات مع البيئة الآنية. أما الصنف الثالث والأخير فهو: مهارات الحساب والترميز، بلغ معدل التباين المفسر بتأثير العائلة ٧٩% في سن السابعة، وذلك لأن الأطفال يتعلمون عن الأرقام قبل المدرسة.
أما مهارة الترميز فهي قدرة الطفل على تنفيذ مهمة طويلة بناءً على التعليمات، بلغت النسبة في سن السابعة ٥٠% فقط وذلك لأن مع دخول الأطفال المدرسة يصبح تأثير الأقران أكبر من تأثير حسن السلوك والطاعة التي غرسها الوالدان، ونلاحظ أن المهارات المستخدمة في الحياة اليومية في بيئة العائلة هي تلك الأكثر تأثرًا، ويظل تأثير العائلة حاضرًا فيها لفترة أطول من المهارات غير المستخدمة بشكل يومي كمهارات إكمال الصورة أو التصميم.
الفكرة من كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
مع التقدم المعرفي الهائل والاختراعات المذهلة النابعة من عقول الأذكياء، وبالرغم من قدرتنا الحالية على إجابة عديد من الأسئلة المتعلقة بالبشر من الناحية البيولوجية أو النفسية، ما زلنا لا نمتلك تعريفًا واضحًا للذكاء، وما زال تقدمنا التكنولوجي قاصرًا على قياس هذه الملكة الفريدة المحاطة بالغموض أو الإحاطة بكل صفاتها.
هل يمكن وضع تعريف للذكاء؟ وهل نحن حصيلة الجينات التي ورثناها فقط؟ هل تُحدث العوامل كالعائلة والخبرات الحياتية فرقًا في مستوى الذكاء الفردي؟ وهل تعد تجاربنا الحياتية وقراراتنا الشخصية فريدة وذات تأثير في عمل عقولنا، أم أن الذكاء كالصفات الجينية الثابتة؟ يحاول كتابنا الإجابة عن كل هذه الأسئلة المثيرة وغيرها الكثير من خلال تحليل نتائج اختبارات الذكاء المختلفة على مدى فترات زمنية طويلة، كما يناقش نظريات الذكاء المختلفة وآلية عمل بعض اختبارات الذكاء المشهورة.
مؤلف كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
جيمس آر فلين: هو فيلسوف وعالم نفس، ولد عام ١٩٣٤م في الولايات المتحدة، درس في جامعة شيكاغو وحصل على دكتوراه في الفلسفة، وهاجر إلى نيوزيلندا عام ١٩٦٣م حيث عمل مدرسًا للسياسة في جامعة أوتاجو، حصد عديدًا من الجوائز بسبب أعماله المتميزة في المجال البحثي المتعلق بالذكاء ومنها: ميدالية العلوم الإنسانية عام ٢٠١١م، وزمالة الجمعية الملكية في نيوزيلندا، له عديد من المؤلفات ومنها:
What is intelligence
Are we getting smarter
How To Improve Your Mind
معلومات عن المترجم:
أحمد الناصح: مترجم ومدون عراقي، من أعماله المترجمة:
صورة فوتوغرافية للرب.
أعظم فلاسفة غيروا العالم.