تايوان كلمة السر
تايوان كلمة السر
لعل من المستغرب هذا التنامي الثوري في المعدلات الاستهلاكية الصينية كمًّا ونوعًا، فما كان بالأمس مستهجنًا أصبح اليوم مظهرًا أساسيًّا من الحياة اليومية الصينية، وكان الفضل في ذلك يرجع إلى تايوان، فمنذ الحرب الباردة كانت بمثابة نافذة الصينيين إلى حلم نمط الحياة الغربي عبر منتجاتها من السلع والخدمات، لذلك لم يكن الأمر مجرد تبادل تجاري فقط بقدر ما كان يمثل تبادلًا للثقافات وتحولًا عميقًا في نمط الحياة الاستهلاكية.
يتجلَّى التأثير العميق الذي أحدثته تايوان في إرضاء الأذواق الصينية عبر انتشار تجارة التجزئة في الأطعمة والمأكولات السريعة التي كانت كلمة السر في خلخلة العادات الاستهلاكية للفلكلور الشعبي الصيني، وبدا أن الصين تعاملت بذكاء حين فتحت الأسواق أمام الاستثمارات التايوانية في البلاد فحصلت بذلك على المليارات من الدولارات التي تم استثمارها، وفي نفس الوقت فازت بتشكيلة كبيرة ومتنوِّعة من السلع والخدمات التي ربما لم تكن تحلم بها قط، مما زاد من عملية المنافسة نحو إنتاج سلع أكثر ابتكارًا وانتقل الميزان شيئًا فشيئًا إلى صالح ناحية الاستثمارات التكنولوجية.
لذلك يمكن القول إن عملية إدخال ونشر الأسواق الاستهلاكية إلى الصين تمَّت بطرق صغيرة لا تعد ولا تحصى وترتبت في إثر ذلك أحداث ما زالت تتكشَّف، لكن رغم ذلك لا يمكننا بالطبع نسب الفضل إلى تايوان فقط ولا منظمة التجارة العالمية في الوصول إلى تلك النزعة الانفجارية في العادات الاستهلاكية، فهذا الانتعاش الاستهلاكي يرجع في المقام الأول إلى رغبات مكبوتة تم استثمارها بذكاء، كما أكدت تلك العملية عدم وجود حد طبيعي لانتشار الثقافة الاستهلاكية، فاستهلاك سلع ما يقود إلى استهلاك أخرى، مما شكل بدوره سلسلة متسعة من الموارد والطلبات أصبحت تربط الآن المجتمع الصيني بالعالم الخارجي.
الفكرة من كتاب على خطى الصين يسير العالم
الصين اليوم ليست هي الصين بالأمس، فتجربتها تحتوي على فوارق تاريخية دقيقة، وعلى ذلك فهذا الكتاب يوفر لنا كنزًا من المعلومات في صورة سهلة الاستيعاب ومثيرة للاهتمام حول ما أسهمت به إجراءات الإصلاح الاقتصادي من تغييرات جذرية في المعادلة المجتمعية في الصين.
مؤلف كتاب على خطى الصين يسير العالم
كارل غيرث Karl Gerth: كاتب وخبير في مجال النظم الاستهلاكية الصينية، حصل على دكتوراه الفلسفة من جامعة هارفارد، ويعمل أستاذًا للدراسات الصينية في جامعة أكسفورد، كما حصل على العديد من الجوائز البحثية من مؤسسة فولبرايت الأمريكية والأكاديمية البريطانية ووزارة التعليم اليابانية، ويشغل حاليًّا منصب الرئيس المشارك لفريق الصين بمشروع ceres 21 الذي يدرس عملية التكيف الإبداعي في صناعتي السيارات والطاقة مع التغيرات المناخية في ثلاث قارات برعاية مجلس البحوث النرويجي.
له العديد من الكتب منها:
الرأسمالية التي لا تنتهي.
ثقافة المستهلك وخلق الأمة.