تاريخ ونشأة علم العلاقات الدولية
تاريخ ونشأة علم العلاقات الدولية
علم العلاقات الدولية علم حديث نسبيًّا لم يستقل عن تبعيته للعلوم السياسية إلا بعد الحرب العالمية الثانية لاشتداد الحاجة إليه نتيجة ما سبَّبته الحرب من آثار مدمِّرة، ويجعل آخرون تاريخ استقلاله منذ تخصيص كرسي له في جامعة ويلز البريطانية عام ١٩١٩.
أما العلاقات الدولية الحديثة فيمكن تأريخها على ست مراحل: الأولى من معاهدة ويستفاليا ١٦٤٨ إلى الحرب العالمية الأولى، ولم تكن ذات هيمنة أحادية أو ثنائية، وإنما تجمع إمبراطوريات عدة كالبريطانية والعثمانية والقيصرية الروسية، وتميَّزت بضجيج ثورات غربية كالثورة المجيدة في بريطانيا، والثورة الفرنسية، والثورة الأمريكية، أدَّت كلها إلى انهيار النظام الملكي في معظم دول أوروبا.
والمرحلة الثانية بدأت مع الحرب العالمية الأولى، التي نتج عنها انهيار إمبراطوريات كالعثمانية والنمساوية، وقيام الثورة البلشفية والثورة العربية على يد الشريف حسين.
والمرحلة الثالثة من بعد الحرب العالمية الأولى، وفيها تكوَّنت عصبة الأمم لتلافي حرب ثانية، ولكن باءت بالفشل الذريع.
وتتزامن المرحلة الرابعة مع تشكُّل تحالفات بين قوى متضادة من الشيوعية الروسية والليبرالية الغربية لكبح جماح الامتداد النازي في أوروبا.
ويُؤرَّخ للمرحلة الخامسة بانتهاء الحرب العالمية الثانية، وتتميَّز بظهور الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ليصبح النظام الدولي ثنائي القطبين، وظاهرة الحرب بالوكالة لحفظ توازن القوى بين ذينك المعسكرين، ودخول أطراف جديدة في السيادة كالمنظمات والشركات المتعدِّدة الجنسيات، أما المرحلة السادسة فتتسم بالأحادية القطبية وانفراد الولايات المتحدة بمحاولة الهيمنة على العالم.
للعلاقات الدولية مبادئ تتمثَّلها، مثل: مبدأ السيادة الدولية، وأن يكون من حق كل دولة التعبير عن إرادتها داخليًّا وخارجيًّا من غير وصاية، وهو مبدأ يتعارض مع وجود القانون الدولي ومسألة ذات جدل عريض، ومن ذلك التعارض: حرمة الحلول العسكرية أو التهديد بالقوة، بل يجب أن تُفَضَّ النزاعات بخيارات سلمية، ولا يجوز استخدام القوة إلا في الدفاع عن النفس وحفظ السلام الدولي وفق ضوابط محدَّدة.
الفكرة من كتاب مقدِّمة في علم العلاقات الدولية
ويشبِّه المؤلف علم العلاقات الدولية بملعب كرة القدم الذي يكون فيه اللاعبون من الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعدِّدة الجنسيات، ويكون القائد أو المدرِّب هو الأمم المتحدة، وتلعب القوانين الدولية دور الحَكم بين اللاعبين.
كذلك هناك محلِّلون لسلوك الدول والمنظمات، والتنبُّؤ بمصير العلاقات الدولية في المستقبل، ومنظِّرون لتقديم اقتراحات لحل المشكلات الدولية، أو لطرح نظريات لما ينبغي أن يكون عليه العالم، أما شعوب العالم فما هي إلا جمهور متفرِّج لا يحقُّ له النزول إلى ساحة الملعب.
ولعلَّ لفظة “السياسة الدولية” هي المصطلح الأدقُّ لذلك العلم لأنه يشمل دراسة الكيانات المحسوسة وليس فقط العلاقات، ويدخل ضمنه الفاعلون السياسيون غير الدول كالشركات والمنظمات، ولكن مصطلح “العلاقات” هو الأشهر بين الأكاديميين.