تاريخ موجز لعلم الكونيات
تاريخ موجز لعلم الكونيات
يعدُّ علم الكونيات فرعًا حديثًا نسبيًّا من العلوم الطبيعية، غير أنه موجود كأفكار منذ قديم الأزل، فقد حاول البشر طرح أسئلة لدراسة الكون مثل الكون هل هو محدود، أم غير محدود؟ جديد أم قديم؟ وأولى المحاولات القديمة كانت خرافات قديمة، وتتشابه في بعض النقاط؛ كالإيمان بفكرة الحرفي الأسمى حيث إن الكون صنيعة فنان ماهر، أو اتجاه العالم من الفوضى إلى التنظيم.
أما الإغريق فقد بدأوا في تأسيس نظام من مبادئ البحث العلمي، وأرسوا العلاقة بين السبب والنتيجة، وأدركوا أن توصيف الظواهر المرصودة وتفسيرها يمكن صياغته بصورة رياضية أو هندسية، وبهذا بدأت دراسة الكون في الظهور كمجال علمي من أبرز علمائه طاليس، واُشتق مصطلح علم الكونيات cosmology في اللغة الإنجليزية من كلمة cosmos الإغريقية، وتعني العالَم بوصفه منظومة مرتبة أو كاملة، ومقابل الكون الفوضى، وكان الكون لدى أرسطو كرة تقع الأرض في مركزها.
وفي العصور المظلمة لم تعرف المسيحية شيئًا من معارف الإغريق، التي ازدهرت لدى المسلمين وتطورت، إلا أنه بعد مرور فترات ظهرت بعض الإنجازات على يد كوبرنيكوس وكبلر ونيوتن؛ وقد توصل نيوتن إلى أن للكون قوانين عامة، فهو يسير كآلة عملاقة تؤدي الحركات المنتظمة التي يفرضها الخالق الأعظم، وقد ظل هذا التفكير مهيمنًا حتى بداية القرن العشرين، والذي بينت فيه قوانين الميكانيكا الحرارية أنه ليس بمقدور أي محرك أن يعمل على نحو مثالي إلى الأبد دون أن يستنزف، وشاع أن الكون سيخمد ويموت تمامًا.
أما الحقبة الحديثة لعلم الكونيات فقد بدأت ببداية القرن العشرين مع إعادة الصياغة الكاملة لقوانين الطبيعة، وطرح أينشتاين مبدأ النسبية فقوَّض مفهوم نيوتن عن الزمان والمكان، وأدت نظريته دورًا كبيرًا للغاية في علم الكونيات، وكانت الخطوات النهائية لهذا التحديث بسبب علماء الفلك القائمين على عمليات الرصد، ونشر بنزياس وويلسون على سبيل المثال دليلًا أن الكون بدأ بكرة نارية بدائية، واليوم مكَّنتنا نظرية أينشتاين من فَهم منشأ الكون في داخل الزمان والمكان، بل فهم أصل المكان والزمان أنفسهما والتي تشكل أساس نموذج الانفجار العظيم.
الفكرة من كتاب علم الكونيات: مقدمة قصيرة جدًّا
يعدُّ علم الكونيات هو العلم الذي يهتم بالدراسة العلمية لكل ما في الكون كبيرًا كان أم صغيرًا، بَدءًا من المجرات والنطاق الفلكي للنجوم وصولًا إلى العالم المجهري.
في هذا الكتاب يحاول بيتر كولز التعرض لهذا العلم تاريخيًّا؛ مبينًا كيف تطوَّر، وكيف جمع بين مفاهيم متعددة على مر مسيرته، وأهم إنجازاته وتأثيرها في فهمنا للكون، وعلى ما تلاها من نظريات، وكيف مهَّدت التحسينات التكنولوجية طرقًا جديدة في الاستكشاف.
مؤلف كتاب علم الكونيات: مقدمة قصيرة جدًّا
بيتر كولز Peter Coles: أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة نوتنجهام، ولد في 4 يونيو 1963 في نيوكاسل أبون تاين في المملكة المتحدة، وشارك في تأليف كتابين دراسيين عن علم الفلك وما يربو على مائة مقال فني متخصص عن مختلِف جوانب نظرية الانفجار العظيم، حاصل على زمالة معهد الفيزياء، وهي جائزة تُمنح من معهد الفيزياء في لندن للفيزيائيين الذين يبدون مستوًى مرتفعًا جدًّا في الفيزياء ويقدمون مساهمة بارزة في هذه المهنة، وألَّف أيضًا كتابَي «أينشتاين ومولد العلم الكبير»، و«هوكينج وعقل الإله».