تاريخ حالة الاستثناء
تاريخ حالة الاستثناء
مصطلح “الاستثناء” شائع في النظريات الألمانية، أما في النظريات الفرنسية والإيطالية فيستعمل مصطلح “حالة الحصار السياسية أو الوهمية”، مفضلة بهذا الحديث عن قرارات طارئة، وحالات حصار، وتاريخ مصطلح “حالة الحصار الوهمية أو السياسية”، يعود إلى الفقه الفرنسي الذي كان يُخول الإمبراطور حق إعلان الحصار على أي مدينة، بغض النظر عن تعرضها لهجوم معادٍ فعلي، أو معرضة لتهديد مباشر.
وترجع جذور حالة الحصار إلى الجمعية التأسيسية الفرنسية عام ألفٍ وتسعمائة وسبعة وسبعين، إذ فرقت بمرسوم بين حالة السلم التي تمارس كل سلطة فيها (المدنية والعسكرية) مهامها في نطاق اختصاصها، وحالة الحرب التي تقتضي عمل السلطة المدنية بالاتفاق مع السلطة العسكرية، ثم تحدثت عن حالة الحصار التي تؤول فيها كل مهام السلطة المدنية المتمثلة في حفظ الأمن والسلم الداخليين للحاكم العسكري.
كان المرسوم يشير إلى القلاع والمواني الحربية فقط، ثم تساوت القلاع الداخلية بالبلاد، ثم أعطت الحكومة نفسها الحق في فرض حالة الحصار على أية مدينة، أما فكرة تعليق العمل بالدستور فكانت في فرنسا، إذ نص الدستور على أنه في حالة الاضطرابات أو الثورات المسلحة التي تهدد أمن الدولة، فللقانون تعليق أحكام الدستور في أماكن ومدد محددة، ويمكن للحكومة إعلان هذا مؤقتًا لو كانت السلطة التشريعية في عطلة.
ورغم أن تعليق العمل بالدستور، وتمدد صلاحيات السلطة العسكرية في حالة الحرب لتشمل النطاق المدني نموذجان منفصلان، فقد انتهى الأمر بدمجهما معًا في ظاهرة قانونية واحدة، وهي “ظاهرة الاستثناء”. وقد تزامنت الحرب العالمية الأولى مع تطبيق دائم لحالة الاستثناء في أغلب الدول المتحاربة، لتتحول بهذا السلطة التنفيذية إلى هيئة تشريعية، وصار التشريع الاستثنائي عبر مراسيم حكومية أمرًا مألوفًا حتى يومنا هذا.
الفكرة من كتاب حالة الاستثناء
يستمد القانون قوَّته من كونه إلزاميًّا، وليس ممكنًا الحياد عنه، غير أن الضرورة أحيانًا قد تدفع للخروج عليه، وبخاصةٍ حين يكون الوضع استثنائيًّا، إلا أن الدول استعملت هذه الحالة الاستثنائية كقاعدة، لا سيما أنها توفر لها مزايا ليست في الوضع الطبيعي متذرِّعة بالتهديدات والاعتداءات لفرض هذه الحالة الاستثنائية، ومستعملة إياها كفزاعة لاستمالة الشعوب للرضا بها، بل وطلبها في بعض الأحيان.
ففهم حالة الاستثناء مدخل لفهم طريقة الحكم في البلاد العربية التي تستخدم قانون الطوارئ لتكبيل شعوبها، أو تعليق اللوائح والقوانين، أو وضع تعديلات لتناسب الفئة المتحكمة، أو إصدار قانون جديد مع تعليقه، في غياب القواعد العادلة، والسلطة التشريعية التي تصدر القوانين وتراقب إصدار السلطة التنفيذية لها.
كل هذا وأكثر يدفعك إلى التعرف على حالة الاستثناء، وسماتها وتجلياتها ومعايير تحديدها، وكيف نشأت وكيف تطبق، وما حدود سيادة القانون، وما طبيعة هذه السيادة؟
مؤلف كتاب حالة الاستثناء
جورجو أغامبين Giorgio Agamben: فيلسوف إيطالي، يعدُّ أحد رواد الفلسفة الإيطالية، والنظرية السياسية الراديكالية، ولد في روما عام 1942، وأكمل دراساته في القانون والفلسفة بأطروحة دكتوراه في الفكر السياسي لسيمون ويل، مما يكشف ابتعاده عن الدراسات القانونية التقنية البحتة، وتحوُّله الواضح نحو الاهتمام بمسائل فلسفية.
درِّس في العديد من الجامعات الإيطالية، وعمل أستاذًا زائرًا في كثير من جامعات الولايات المتحدة، أشرف على ترجمة الأعمال الكاملة للفيلسوف الألماني فالتر بنيامين، ومن أهم أعماله:
رجل بلا المحتوى.
رباعية الإنسان الحرام.
اللغة والموت: مكان السلبية.
وسائل بلا نهاية: ملاحظات على السياسة.