تاريخ المؤامرة وتطوُّرها
تاريخ المؤامرة وتطوُّرها
حتى وقت قريب كان يُعتقَد أن هذا العصر هو العصر الذهبي لرواج نظريات المؤامرة، لأن عددًا من الباحثين ذهبوا إلى أن نظريات المؤامرة لم تكن رائجة في العصور الماضية، ففي نظرهم أن الناس في القرون السابقة كانت تجرِّب المؤامرة فحسب، أما قرننا الحالي فقد ترسَّخت فيه المؤامرة باعتبارها نظامًا في التفكير ونهجًا في العمل، والسبب في ذلك هو ظهور الإنترنت، وانتشار نظريات المؤامرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فهيمن على الكثيرين منَّا حالة من اللايقين تؤثِّر فينا تأثيرًا شديدًا، لكن خلال السنوات الماضية خرج عدد من الباحثين بإجابات مخالفة مدعومة بأدلَّة تفيد بأن نظريات المؤامرة لها تاريخ كبير، وتطوَّرت حتى وصلت إلينا في صورتها الحالية.
فعندما احترقت “روما” عام 64م، بدأت نظريات المؤامرة في الانتشار حتى قبل أن تبرد الجمرات المحترقة، واتجهت بوصلة الشك إلى الإمبراطور “نيرون” بأنه كان وراء هذا الحريق، ولم تشفع له جهوده الإغاثية بتوفير المأوى والغذاء للمشرَّدين، وبعد مرور أكثر من قرن ونصف على الحريق، ذهب عدد من الأشخاص -ممن كانوا يدوِّنون أحداث تلك الفترة- أن نيرون كان له فريق منظَّم من الخدم أشعلوا النار في المدينة بدافع خبيث محض، وأخذوا يسردون المؤامرة وتفاصيلها، وهذا لم يكن الحدث الوحيد الدال على نظرية المؤامرة، فالتاريخ الروماني مليء بنظريات المؤامرة والهوس بها.
كما أن الأمر لم يقتصر على الإمبراطورية الرومانية وحدها، فالعالم القديم كان يعجُّ بالمؤامرات ونظريات المؤامرة، واستمر هذا الافتتان بفكرة المؤامرة طيلة العصور الوسطى، فلم يكن ينظر المزارعون إلى ما يعانونه من شدائد على أنها ناتجة عن طُرق التوزيع السيئة، بل كانوا يرون أنها ناتجة عن أفعال المضاربين، كما أن النخبة الحاكمة كانت تعزو محاولات التغيير إلى مؤامرات ومكائد رجال البلاط والمهرطقين والوزراء والمقرَّبين، إذ إن اللافت للنظر أن بعض النظريات القديمة تتشابه مع النظريات المعاصرة إلى حدٍّ كبير، إلا أن هناك عددًا من الاختلافات بينهما، فقديمًا كانت المكائد المزعومة تتعلَّق على وجه العموم بقضايا محلية، والدوافع من ورائها كانت تافهة وشخصية إلى حدٍّ كبير، وبما أن الأباطرة والملوك كانوا يمتلكون سلطة مطلقة، فكانت كثير من الشائعات تروَّج ضدهم، وبمرور الزمن أصبحت نظريات المؤامرة لدى الناس أوسع نطاقًا، فتحوَّلت من كونها محلية وتافهة تهدف إلى المصلحة الذاتية إلى نظريات أكبر تأثيرًا وأكثر غموضًا وتدميرًا وشمولية.
الفكرة من كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
يرى عدد من الناس أن هناك مؤامرة خلف كل شيء يحدث من حولهم، إذ تسيطر نظريات المؤامرة على عقولهم، وطريقة تفكيرهم، والذين ينسجون نظريات المؤامرة ليسوا فئة واحدة، بل تتدرَّج مرتباتهم، وتجدهم في كل مكان، فمنهم أساتذة وجامعيون، وحاصلون على جائزة نوبل، ورؤساء دول! إن أعدادهم أكثر مما تتوقَّع، وعلى الأرجح أنك تعرف البعض منهم، بل لعلَّك من بينهم! ومن هنا يبحث المؤلف في التفكير الذي يقف وراء نظرية المؤامرة، ويكشف عن الكيفية التي نقرِّر بها أن شيئًا ما معقول وآخر عبثي، ولماذا يُصدِّق بعض الناس أشياء يرى سواهم أنها غير معقولة وغير قابلة للتصديق، مُستعينين في ذلك بعلم النفس.
مؤلف كتاب عقول متشكِّكة.. لماذا نُصدِّق نظريَّات المؤامرة!
روب براذرتون : هو عالم نفس أكاديمي، وكاتب علمي، حصل على درجة الدكتوراه في علم نفس نظريات المؤامرة، كما قام بتدريس محاضرات عن الأسباب التي تدفع الناس إلى تصديق الأشياء الغريبة، كما أنه عضو في وحدة أبحاث علم نفس الخوارق بكلية “جولد سميث” بجامعة لندن، ولديه موقع خاص يكتب فيه عن نظريات المؤامرة، وهو موقع Conspiracypsychology.com.
معلومات عن المترجم:
هاني فتحي سليمان: مترجم، حصل على بكالوريوس التربية قسم اللغة الإنجليزية، عمل في مؤسسة هنداوي في وظيفة مراجع ترجمة، ويعمل حاليًّا في وظيفة مراجع أوَّل، ترجم وراجع العديد من الكتب بلغت 60 كتابًا إلى اللغة العربية، من كتبه المترجمة:
شركة المستقبل.
الكواكب.. مقدمة قصيرة جدًّا.
ماجستير في إدارة الأعمال في يوم واحد.
يمكنك أن تتواصل.
آراء فينر في القيادة.
الثروة التلقائية.