تاريخ الكتابة وحوامل الكتابة
تاريخ الكتابة وحوامل الكتابة
وُجد البشر على الأرض قبل خمسة ملايين سنة، وانقضى نحو 99.9% من تاريخهم ولم يقرؤوا أو يخطُّوا بأيديهم قط، وظل الأمر على هذا المنوال حتى عرفوا الكتابة قبل خمسة آلاف عام، إذ اخترع البشر الكتابة نحو عام 3000 قبل الميلاد، فانتقلت المجتمعات البشرية إلى آفاق أخرى، إذ مكَّنت الكتابة الناس من نقل كميات أكبر من المعرفة على نحو أكثر دقّة من نقلها شفهيًّا، وخلال الثلاثة آلاف عام الأولى من تاريخ الكتابة، استخدم معظم الكتَّاب القلم المعدني المسماري، أو أقلام القصب، أو أقلام الريش، أو الفُرش، أو الأختام أو أدوات النحت في الكتابة على الألواح الطينية وأوراق البردي وأشرطة الخيزران، واللَّحاء وأوراق الشجر، والقماش والجلد، بيد أن هذه الخامات كانت أكثر هشاشة، ولم تنج من عوامل الزمن.
وقد ظهر أقدم نظام معروف للكتابة في بلاد ما بين النهرين (العراق) في الألف الرابع قبل الميلاد، وكانت تكتب على ألواح طينية بالقلم المسماري، ثم تترك حتّى تجف، بينما في مصر لم يرتبط تطور الكتابة باستخدام أداة بعينها أو مادة بعينها، كما لم يقلدوا نظام الكتابة في بلاد ما بين النهرين ذا الإشارات والمقاطع الصوتية، بل طوروا نظامًا مصورًا من الكتابة وهو المعروف باسم “الهيروغليفية” أي النقش المقدَّس، وقد كتب المصريون على عدد كبير من الأسطح المختلفة، لكن طريقتهم المميزة التي تطورت بها كتاباتهم كانت الكتابة على أوراق البردي، إذ قُطعت شرائح من قصب البردي على هيئة صفائح مستطيلة لُصقت معًا من اليمين إلى اليسار على هيئة لفافات طويلة، وصدَّر المصريون أوراق البردي إلى معظم المجتمعات المُتعلِّمة في حوض البحر المتوسط.
إلى جانب ذلك عرف الناس في العصور القديمة أشكالًا أخرى من حوامل الكتابة، مثل لوح الكتابة والرَّق، فقد كان اللوح يتكوَّن من قطعة واحدة إلى نحو عشر قطع كانت تصنع من العاج أو الخشب، وترتبط معًا بمفصلات أو بمشابك، وكان يسع الكاتب أن يكتب مباشرة على الألواح بالمداد أو بالطبشور، وقد عَرف العبرانيون الألواح، وصوَّرت تقاليدهم ألواح النبي موسى عليه السلام، كما تعلم اليونانيون صنع الألواح من الحيثيين في آسيا الصغرى، واستخدموها قبل أن يتحولوا إلى الاعتماد على أوراق البردي المصري، كما صُنعت لفافات الرَّق من جلود الحيوانات التي سُلخت عن أجسامها، ثم نُقعت ثم جُففت، وقد تميَّز الرَّق عن ورق البردي بأنه يمكن صنعه متى ما وجدت الحيوانات، كما كان يتميز أيضًا بأنه لم يكن يتشظَّى أو ينشطر عند طيّه على هيئة كتاب كما كان يفعل ورق البردي.
الفكرة من كتاب قصة الورق … تاريخ الورق في العالم الإسلامي قبل ظهور الطباعة
يتحدث الكاتب عن الكتابة وحوامل الكتابة منذ أن بدأ الإنسان التدوين، وصولًا إلى اختراع الورق وفضل المسلمين في تطوير تقنيات صناعة الورق ونقلها إلى جميع ديار الإسلام ومنها إلى أوروبا، كما جادل الكاتب في أن اختراع المطبعة على يد جوتنبرج ما كان ليُجدي نفعًا لو استخدمت آلته في الطباعة على الرَّق المصنوع من جلود الحيوانات، لأن تكلفة طباعة الكتاب على الرَّق كانت تساوي تقريبًا تكلفة نسخ الكتاب بخط اليد، ومن ثمَّ كان العالم سيستغرق وقتًا طويلًا ليدرك فوائد المطبعة، لو لم يُعرف سرّ صناعة الورق على أيدي المسلمين.
مؤلف كتاب قصة الورق … تاريخ الورق في العالم الإسلامي قبل ظهور الطباعة
جوناثان بلوم : هو مؤرِّخ وأستاذ فنون أمريكي، عمل أستاذًا مزدوجًا في جامعة نورمان جان كالديروود للفنون الإسلامية والآسيوية في كلية بوسطن، كما عمل محاضرًا في جامعة هارفرد، حاصل على بكالوريوس الآداب في تاريخ الفن من جامعة هارفرد، كما حصل على ماجستير الآداب في تاريخ الفن من جامعة ميتشيغان، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة في تاريخ الفن ودراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفرد عن أطروحته “المعنى في العمارة الفاطمية المبكرة”، من كتبه:
Islamic Arts.
Islam: A Thousand Years of Faith and Power.
The Minbar from the Kutubiyya Mosque.
معلومات عن المترجم:
الدكتور أحمد العدوي: هو باحث ومؤرِّخ مصري، مُتخصِّص في التاريخ الإسلامي، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الآداب من قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وقد عمِل باحثًا ومحاضرًا بجامعتي القاهرة والأزهر في مصر، ويعمل حاليًّا أستاذًا مساعدًا بقسم العلوم الإسلامية بكلية الإلهيات بجامعة (ÇOMÜ) بتركيا، من ترجماته:
جيش الشرق: الجنود الفرنسيين في مصر ١٧٩٨-١٨٠١.
نشأة الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي.