تاريخ البداية

تاريخ البداية
سنة 2020 في أثناء ذروة جائحة كوفيد-19 وحالة الإغلاق العام، بدأ تطبيق تيك توك في غزو العالم والتربّع على عرش قائمة التطبيقات الأكثر تحميلًا في هذه السنة، ولكن في الحقيقة لم يكن هذا الانتشار وليد المصادفة، بل كان ختام رحلة شاقة خاضها التطبيق منذ تأسيسه في الصين سنة 2016، نال في أثنائها سمعة سيئة بأنه تطبيق للرقص والغناء لا أكثر، ينفر منه كبار السن والمثقفون، ولكن كيف تخلص من هذه السمعة الملاصقة له؟ وهل تغير إلى الأسوأ أم إلى الأفضل؟

لفهم كل هذه الأبعاد سنعود بالماضي إلى سنة 1983 حين وُلد “زهانج ييمينج” مؤسس تطبيق تيك توك، لأسرة من الطبقة المتوسطة في دولة الصين، وكان انطوائيًّا يهوى القراءة والمعرفة، تعلم صنعة الكهربائيات من والده الذي كان يمتلك مصنعًا للأجهزة الكهربائية، ولكنه ترك دراسته الجامعية في هندسة الكهرباء ليبدأ طريقه في تعلّم هندسة البرمجيات حتى صار مهووسًا بها، وبحلول 2011 طور ييمينج عديدًا من التطبيقات وأسس 4 شركات، وفي سنة 2012 قرر إنشاء شركة تقنية باسم “ByteDance” وما يظهر من اسم هذه الشركة أنها موجهة لدخول السوق الدولية واختراقها بالترفيه أولًا.
ولنتجه الآن إلى السوق الغربية لنرى جميع الأبعاد في قصتنا، ظهرت شركة تدعى “Mindie” تحاكي تطبيقًا يسمى “Vine”، ويقوم على تصوير مقاطع فيديو قصيرة مع الموسيقى، وفي الصين حاول مبرمج يسمى “أليكس زو” استغلالَ فكرة المقاطع القصيرة في شيء نافع عوضًا عن الموسيقى، ولكنه فشل فشلًا ذريعًا، واتجه إلى المتعة وسرق الفكرة وكود التطبيق من شركة “Mindie” وأنشأ تطبيق “Musical.ly”، مع فرق رفع مدة الفيديو إلى 16 ثانية بدلًا من ست ثوانٍ، ونجح في السوق الأوربية والأمريكية حتى أصبح في أقل من سنة التطبيق الأول في التحميل، ورغم هذا النجاح الهائل فإنه كان سبب نهايته، إذ لم تستطع الشركة تحمّل تكلفة هذا الانتشار الصاروخي، ولم يستطع دخول السوق الصينية، فاضطر في النهاية إلى بيع التطبيق لشركة “ByteDance” لزهانج ييمينج، وتحول اسم التطبيق بين ليلة وضحاها إلى “Tik Tok”
الفكرة من كتاب متلازمة تيك توك: كيف يغير تطبيق واحد العالم من حولنا؟
تطبيق تيك توك، ليس كباقي التطبيقات على جوالك أو جوالات أصدقائك، فبعض الدول كالهند وباكستان والصومال قد حظرته داخل بلادها، وحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظره في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب مخاوف على الأمن القومي، وفي معركة طوفان الأقصى اعترف الاحتلال الإسرائيلي بصعوبة موقفه الدولي خصوصًا على منصة تيك توك!
مهلًا مهلًا، أليس التطبيق عبارة عن بعض الأغاني وبعض الرقص والتكبيس، وبعض المقالب والتحديات، وبعض المحتوى الترفيهي والتعليمي، وهكذا هو الأمر؟ أليس أيضًا أداة للنجاح والشهرة السريعة؟ فما علاقته بالحرب السياسية بين الإدارة الأمريكية ونظيرتها في الصين؟ ولماذا هذا الحظر من دول شرقية وغربية؟ وما آثاره النفسية والاجتماعية؟ وكيف غير تصورات المستخدمين ذهنيًّا ودينيًّا؟ وما مخاطره الحقيقية؟ وكيف له أن ينتشر كل هذا الانتشار ويُغير العالم؟ هذا ما سنعرفه في هذا الكتاب.
مؤلف كتاب متلازمة تيك توك: كيف يغير تطبيق واحد العالم من حولنا؟
إسماعيل عرفة: كاتب وصيدلي مصري، تخرَّج في كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية في عام 2018م، وهو باحث ومترجم مهتم بقضايا الإلحاد الجديدة والشبهات حول الإسلام، له عديد من التقارير والمقالات في عديد من المنصات المهتمة بالقضايا العقدية والفكرية. له مؤلفات عدة، من أشهرها:
رسائل ما قبل الانتحار.
الإباحية الجنسية: حان وقت سداد الفاتورة.
عصر الأنا: كيف تنتشر الفردانية بين الشباب العربي؟
لماذا نحن هنا؟ تساؤلات حول الوجود والشر والعلم والتطور.
الهشاشة النفسية: كيف صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟