تاريخ الأفكار في العصر اليوناني
تاريخ الأفكار في العصر اليوناني
بدأ الأمر في أثينا عاصمة اليونان بعد ظهور السُّوفسطائيين الذين شكَّكوا في كل شيء حول حقيقة الدين والأخلاق واللغة وقد اختلفوا بدورهم عن الفلاسفة، فهؤلاء يرون أن الفكر ليس بهذه الصعوبة بخلاف الفلاسفة الحقيقيين الذين أدركوا صعوبة الوصول إلى الحكمة مهما وصلت معارف الإنسان وعلمه، فالحكمة في نظر الفيلسوف ستظل دائمًا “قصور المعرفة مهما بلغ مداها”، وهذا ما جعل سقراط دائم القول إن “كل ما يعرفه هو أنه لا يعرف”، وكان هذا بداية التساؤلات حول حقيقة الفلسفة بين تحيُّر وتعجُّب ودهشة وسعي دائم من أجل الوصول إلى المعرفة والحقائق.
ولا يختلف أسلوب سقراط الفلسفي كثيرًا عن عمل المولِّدات، وكما ورد أن والدته كانت تعمل في التوليد النسائي، جاء سقراط على الوجه الآخر مولدًا للأفكار ومخرجًا إياها من رحم العقول، لم يتبع أسلوب التلقين ولا النصح والإرشاد، ولم يظهر إجابات جاهزة، وإنما جعل كل واحد قادرًا بعقله على صناعة الفكرة، كان يلعب دور الجاهل أمام كل من يحاورهم فيشعر الجميع أنه لا يعرف شيئًا إطلاقًا، وهذا ما أطلق عليه بعد ذلك المفارقة السقراطية، وهذا الأمر متاح لكل العقول المتسائلة، وهذا كله نتاج الحكمة الفلسفية المصرية القديمة “ماعت”، وهي مفتاح الحياة العادلة والمعتدلة، وهذه هي اليوتوبيا الممكنة للإنسان العادي.
الفكرة من كتاب موسوعة تاريخ الأفكار ج1
“اليوتوبيا”: كلمة يونانية تعني المكان غير الموجود، أو المكان الموجود في الخيال، والذي يتمتَّع بنظام اجتماعي وسياسي وأخلاقي مثالي، والمجتمع المثالي لا بدَّ أن يكون مجتمعًا أكثر إنسانية يؤكِّد كرامة وقيمة الإنسان، فالإِنسان هو المؤمن بوجود قيم وأخلاق مشتركة بين البشر جميعًا رغم اختلاف أنواعهم وألوانهم وعقائدهم.
مؤلف كتاب موسوعة تاريخ الأفكار ج1
مرفت عبد الناصر، استشاري وأستاذ الطب النفسي الزائر، بجامعة كوليدج في لندن، حاصلة على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسانيين، لها مؤلفات مهمة عن دور الثقافة في نشأة المرض النفسي باللغة الإنجليزية، والعديد من المقالات في الأدب والنقد والفلسفة وعلم المصريات باللغة العربية، من أعمالها سلسلة مصورة من أربعين جزءًا عن تاريخ مصر القديم للأطفال من (1997: 2002).