تاريخ أمة
لم يكن المستشرقون والغربيون منصفين في سرد تاريخ الحضارة العربية الإسلامية ورسموا صورة عنه غير صادقة، لكن ما خُلِفَ لنا من تاريخ وسير عن العرب هو ما أثبت عظمة هذه الأمة، وقد نُقِل لنا عنهم أبحاث ومخطوطات وبحوث مهمة ثقافية وعلمية وتربوية، وإذا تأمَّلنا منهجهم وتاريخهم لعلمنا كيف أن هذه الأمة بنت أجيالًا عظيمة نتج عنها تاريخ عريق وآثارٌ في العلوم والسياسة والعمران والفن، والتي لم تُؤسَّس عن ارتجال أو عشوائية، بل ببحث وتخطيط وتنظيم مبدع، أما ما وصل إلينا من تلفيقات مزيفة لطمس هوية هذه الأمة العظيمة ما هو إلا كذب مُلفَّق لأن هذه الحضارة وإن ظهرت منذ دخول الإسلام فيها إلا هناك دلالات عديدة على أن هذه الحضارة قبل الإسلام أيضًا تميَّزت بالإبداع والعلم والفن والعمارة.
فقبل الإسلام فقط لم تتصل الجزيرة العربية بالشعوب من حولها وهذا ما جعلها ليست معلومة للجميع، فقد نشأت حضارة عريقة قديمة في جنوب اليمن، وأيضًا بالشمال، وفي وسط الجزيرة الحجاز كانت لهم حياة راقية وحضارة مزدهرة، ففيها الكعبة التي هي موضع فخر وعز العرب، ومكة التي تُعدُّ أهم إقليم وأم القرى، ففيها سادة قريش، ويثرب أخصب الأراضي وأعمرها، والطائف مدينة العلم والفكر والتجارة، وفي الجزيرة العربية جمعاء أفصح البشر وأكثرهم حكمةً وعملًا، وبها أعظم الأسواق عكاظ وذي المجاز، وقد تميَّز وسط الجزيرة بأنه عربي أصيل لم يمسه محتل من قبل وله مكانته المقدسة ومُحصن ويسوده قادة قريش ما جعل لمكة مكانة متميزة.
وهناك فريقان يسعى كلاهما لطمس هوية العرب قديمًا ووقع فيه المسلمون أيضًا في محاولة منهم لتصوير تاريخ العرب قبل الإسلام بأنه مليء بالجهل والظلم، لكن ما وصل إلينا من شعر ونثر يدل على النقيض والفريق الآخر غير المسلمين احتجُّوا على كل ما وصل إلينا بأنه لا أصل له علمي أو تاريخي وكلا الفريقين أفعاله تدل على محاولاته الفاشلة في طمس حضارة عظيمة.
الفكرة من كتاب التربية والتعليم في الإسلام
امتدَّت الحضارة العربية الإسلامية وشملت غالب الجوانب لتأسيس حضارة عظيمة ظاهريًّا وباطنيًّا، وقامت على طابعين أساسيين؛ اللغة والدين، لذا كان لها المزيج العربي الإسلامي، وتميَّزت الحضارة العربية بأنها جمعت أزمنة متعدِّدة لعدة دول مختلفة الهويَّات والأجناس، وفي هذا الكتاب يأخذنا الكاتب محمد طلس في رحلة مشوِّقة حول الحضارة العربية الإسلامية، وبشكل خاص حول التربية والتعليم في هذه الحضارة وعوامل قيامها وأهدافها ردًّا على الزاعمين بعدم وجود أساس علمي تربوي في الحضارة العربية الإسلامية، وأنه لا أصل لوجود علماء مسلمين عرب وضعوا أسسًا للعلوم والطب والهندسة، وغيرها.
مؤلف كتاب التربية والتعليم في الإسلام
محمد أسعد طلس: هو كاتب ومفكر وأديب وسياسي سوري معروف من أهل حلب، وقد حصل على ليسانس آداب لغة عربية ثم الماجستير في بحثه عن يوسف بن عبد الهادي، ثم حصل على الدكتوراه بإشراف من الأستاذين طه حسين وإبراهيم مصطفى، وكان من كبار موظفي وزارة الخارجية في سوريا خلال خمسينيات القرن العشرين، مثَّل بلدهِ سوريا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكان مستشارًا لهيئة الأمم المتحدة في اليونان، ولهُ مؤلفات تاريخية وأدبية عديدة منها: “تاريخ الأمة العربية”، و”الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب”، و”تسهيل الإملاء بالطريقة الاستنباطية”، و”مصر والشام في الغابر والحاضر”.