تأهيلُ المربي
تأهيلُ المربي
حين نقول إن التربية هي الأساس الذي تقوم عليه الحضارات، فإن ذلك يجعل مهمة المربين مهمة عظيمة، ويُضاعف خطر تصدرهم قبل أن يكونوا مؤهلين، كما يحدث مع حماسة القائمين واندفاعهم على بعض البرامج والمحاضن التربوية أو عند عجزهم عن استيعاب أعداد الطلاب والطالبات. وهنا نتذكر قول عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): “تفقهوا قبل أن تُسوَّدوا”، فالانتقال من حالةِ الأخذ إلى حالة العطاء لا يكون قبل التفقه والتزود من العلم الشرعي والتربوي بقدرٍ يسمح للمربي أن يبني شخصيات طلابه ويجيب عن أسئلتهم وإشكالاتهم.
لذا فنحن في حاجة إلى مبادراتٍ لتعليم التربية بمعايير عالية للمعلمين والآباء، مستحضرين قول الإمام عبد الرحمن بن يزيد الأزدي: “لا يؤخذ العلم إلا ممن شُهد له بالطلب”، وقول الشاطبي: “من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام”، فنُحسن اختيار من نتعلم منهم. وإن كان ممكنًا أن يتلقى الإنسان العلم من الكتب والمصادر المختلفة دون معلم، إلا أن التلقي المباشر من أهل العلم والتواصل معهم هو ما يُكسب المرء الملكات والمهارات حقًّا، لذا لا بد من التواصل بين المربين في مؤتمرات ولقاءات يتبادلون فيها الخبرات، وفي مسابقاتٍ تنمي مهاراتهم، وبرامجَ تدريبيةٍ، ومشاريع واقعية وإلكترونية.
ورحلة التعلم لا تتوقف عند بدء الممارسة، وإنما يستمر المربي الناضج في التعلم ويجدد ويواكب، مطبقًا قول الإمام أحمد بن حنبل: “مع المحبرة إلى المقبرة”، ويستصحب مع تربيته لغيره تربيةَ نفسه وإصلاحها وتهذيبها مخلصًا لله؛ عاملًا بوصية الإمام أبي الفرج شمس الدين ابن قُدامة المقدسي: “إياك أن تنشغل بما يُصلح غيرك قبل إصلاح نفسك” ؛ فيكون بذلك قُدوةً لطلابه بغير تكلف ولا تصنع، ويكون تأثيره فيهم أكبر وأعمق وأكثر بركة.
الفكرة من كتاب المُذهبات من تراثنا التربوي
إن التربية هي الأساس الذي تقوم عليه الحضارات، ونحن في حاجةٍ ماسة إلى تجديدها واستعادة إرثنا التربوي الطيب.
والكتاب يحدثنا في موضوعات تربويةٍ عديدة، منها: تأهيل المربي، وتربية العقل الناقد والعقل الإبداعي، وتقدير احتياجات الأبناء وتنمية طاقاتهم، وتربيتهم على المحكمات، وصناعة الرجال.
وأحاديثه كلها مُذهَّبةٌ بأقوالٍ من التراث الإسلامي، من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته رضي الله عنهم، وعلماء المسلمين وأئمتهم الذين فقِهوا التربية.
مؤلف كتاب المُذهبات من تراثنا التربوي
فايز بن سعيد الزهراني، كاتب سعودي مهتم بالتربية الإسلامية، ومن مؤلفاته: “التربية من جديد”، و”مثانٍ – الطريق إلى الريادة في الحلقات القرآنية”، و”غمامتان – جولة مفاهيمية في سورتي البقرة وآل عمران”، وله العديد من المقالات والدورات والمواد المرئية والمسموعة المنشورة على شبكة الإنترنت.