تأثير مقاومة الأنسولين في القلب والدماغ
تأثير مقاومة الأنسولين في القلب والدماغ
تُعد مقاومة الأنسولين عاملًا أساسيًّا في الإصابة بأمراض القلب وأولها ارتفاع ضغط الدم، وترفع مقاومة الأنسولين من ضغط الدم لعدة أسباب دعونا نراها معًا.
في البداية يرتفع ضغط الدم لأن زيادة الأنسولين يصحبها زيادة في هرمون الألدوستيرون، وهو هرمون آخر مسؤول عن إعادة امتصاص الصوديوم من البول وإعادته إلى الدم، وبزيادة الألدوستيرون تزداد كميات الصوديوم في الدم، وعليه تزداد كمية الماء فيزداد ضغط الدم. وغير زيادة الألدوستيرون تؤدي زيادة الأنسولين إلى تضخم عضلات جدران الأوعية الدموية، مما يزيد سُمك الجدار ويقلل سعته، وعندما تضيق الأوعية يزداد ضغط الدم فيها. إضافة إلى ذلك يقل إنتاج أكسيد النيتريك من جدران الأوعية الدموية في حالة مقاومة الأنسولين، ولأن أكسيد النيتريك يوسع الأوعية الدموية ويحسن تدفق الدم، فإن نقصه يسهم في ارتفاع ضغط الدم. كما ينشط الجهازُ العصبي السِّمْبثاوي عند ارتفاع الأنسولين ويؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية، ونتيجة هذا أيضًا ارتفاع ضغط الدم. وأخيرًا ينتج عن ارتفاع الأنسولين زيادة البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة ثم ترسبها على جدران الأوعية، فتضيق ويرتفع ضغط الدم فيها، ولا تقتصر آثار مقاومة الأنسولين على ارتفاع ضغط الدم، بل تمتد إلى تصلب الشرايين واعتلال عضلة القلب، وهي حالات قد تودي بحياة صاحبها.
وها نحن نترك القلب وننتقل إلى الدماغ لنرى كيف تؤثر مقاومة الأنسولين فيه.. وفي واقع الأمر يحفز الأنسولين الدماغ لاستهلاك الجلوكوز والحصول على الطاقة التي يحتاج إليها، كما يساعد خلايا الدماغ على النمو، ويلعب الأنسولين دورًا أساسيًّا في تنظيم شهيتنا واستخدامنا للطاقة، وقد يكون من المفاجئ أن تعرف أن للأنسولين دورًا هامًّا في عملية التعلم وتشكيل الذاكرة، لذا فأي اضطراب في معدلات الأنسولين تصحبه تأثيرات كبيرة في الدماغ، بسبب عدم حصوله على القدر الذي يحتاج إليه من الطاقة وتعرض وظائفه للخطر، فقد تؤدي مقاومة الأنسولين المستمرة إلى الإصابة بالزهايمر، والخرف، ومرض باركنسون أو ما يسمى بالشلل الرعاش، والصداع النصفي، واعتلال الأعصاب.
الفكرة من كتاب لماذا نمرض؟ الوباء الخفي الكامن وراء معظم الأمراض المزمنة وكيفية مواجهته
جميعنا يخشى اليوم الذي قد يصاب فيه بأحد الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وتصلب الشرايين، ولكن هل بأيدينا شيء غير أن نخشاه؟ بالتأكيد نعم! بأيدينا تجنبه إذا وجهنا انتباهنا لشيء واحد فقط وهو مستوى الأنسولين في الدم ومدى حساسية خلايا الجسم له، يبدو ذلك أمرًا مستبعدًا وخياليًّا قليلًا، وربما حدثت نفسك قائلًا “أليس الأنسولين مسؤولًا عن مرض السكري؟! فما دخله إذًا بالأمراض المزمنة الأخرى؟ وهل مجرد الاهتمام بالأنسولين يقيني كل الأمراض المزمنة؟!”، ولكني أطالبك بحفظ سؤالك لأنك من سيجيب عنه في نهاية رحلتنا، وذلك بعد الاطلاع على الأنسولين ومقاومة الخلايا له ومدى تأثيرها في كل الجسم، ولن ننسى كذلك سبل الوقاية والعلاج.
مؤلف كتاب لماذا نمرض؟ الوباء الخفي الكامن وراء معظم الأمراض المزمنة وكيفية مواجهته
بينجامين بيكمان: حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة والطاقة الحيوية من جامعة شرق كاليفورنيا، بالإضافة إلى ماجستير العلوم وفسيولوجيا التمرين من جامعة بريجهام يونج، له عديد من الأبحاث في بيولوجيا وفسيولوجيا الخلايا البشرية.