تأثير القوة الناعمة
تأثير القوة الناعمة
القوة الناعمة هي جعل الآخرين يريدون ما تريد، وترتكز على الجاذبية والإغراء والإقناع والقدرة على تشكيل سلوك الآخرين ووجود متلقِّين لها، ويمكن ملاحظتها ولكنها غير ملموسة، ويمكن قياسها باستطلاعات الرأي وتسيطر الحكومة على جزء منها.
ولها ثلاثة موارد: أولها الثقافة، وتتمثَّل في القيم والمبادئ المعبِّرة عن الدولة، وتنقسم إلى ثقافة عليا كالأدب والتعليم، وثقافة شعبية كالموسيقى التقليدية، وعند تبنِّي الدولة ثقافة عالمية التوجُّه تحقِّق نتائجها المرغوبة ولا سيما إذا شاركتها دول أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر، وثانيهما شرعية السياسة الداخلية والخارجية التي تتبعها الدولة، وهي بدورها تعزِّز أو تقوِّض القوة الناعمة محليًّا وعالميًّا، وهذه السياسات ذات آثار قصيرة وبعيدة المدى حسب التغيُّرات، ومن أمثلتها حرب العراق عام 2003، وسياسات جيمي كارتر المتعلقة بحقوق الإنسان، وثالثها القيم السياسية داخليًّا وخارجيًّا، فتحقيق حكومة دولة ما انتصارًا في قيمها الداخلية كالديمقراطية أو تشجيعها لقيم السلام وحقوق الإنسان وتصدير الديمقراطية يجعلها قدوة لغيرها من الدول.
غير أن هناك ثلاثة متغيرات أحدثتها القوة الناعمة على القوة العسكرية: المتغير الأول هو التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أدَّى إلى ازدياد التكلفة السياسية والاجتماعية لاستخدام القوة العسكرية وتقييدها عند استعمالها في الحرب، والمتغير الثاني تكنولوجيا الاتصالات الحديثة التي أدَّت إلى التحريض على نشوء النزعة القومية وانتشارها وصعوبة التحكم في المستعمرات، والمتغير الثالث التغيرات الاجتماعية داخل الديمقراطيات الحديثة التي أدَّت إلى ازدياد تكلفة استخدام القوة العسكرية لارتكازها على الرفاهية والابتعاد عن شهوة الغزو والمجد.
وبذلك لم تعد القوة في الحرب معيارًا لتحديد الوزن السياسي للدولة في ظل التطور التكنولوجي؛ فإذا كانت الولايات المتحدة المهيمنة هي دولة متفوِّقة عسكريًّا فإن هناك دولًا مثل اليابان واليابان متفوِّقة عليها اقتصاديًّا.
وإذا استطاعت دولة تأسيس قواعد دولية تتمشَّى مع قيمها ومصالحها أو استخدام مؤسَّسات تساعدها على تحقيق أهدافها المرغوبة فإنها لا تحتاج إلى اتباع القوة الصلبة ذات التكلفة العالية، وقد تؤدِّي القوة الصلبة إلى تدنِّي القوة الناعمة كالاتحاد السوفييتي بسبب سياساته الوحشية أو تعزِّز الدولة بنفوذ أكبر من القوة الاقتصادية إذا تبنَّت الدولة قضايا جذابة كإحلال السلام مثل النرويج.
الفكرة من كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
إن القوة الناعمة مصطلح صاغه جوزيف ناي لأول مرة في كتابه “ملزمون بالقيادة”، وهي متاحة للجميع وتستثمرها الدول بشكل يحقِّق لها أهدافها عن طريق الجاذبية والإقناع بدلًا من الإرغام والرشاوى، وهي الوجه الآخر للقوة الصلبة، ويدور هذا الكتاب حول مصادر القوة الناعمة الأمريكية وسلوك الولايات المتحدة في استخدامها، والمنافسين لها في الماضي والمستقبل، ولكنها تعتمد على البراعة والمهارة في سلوكها وليست العبرة بالدول الصغيرة أو الكبيرة.
مؤلف كتاب القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية
جوزيف ناي: (ولد في 19 يناير 1937) أمريكي وأستاذ العلوم السياسية، تولَّى عدة مناصب رسمية منها مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني.
ومن مؤلفاته: “مستقبل القوة”، و”فهم النزاع الدولي”، و”قوة القيادة”.