تأثير العائلة في الذكاء
تأثير العائلة في الذكاء
هناك أسئلة عديدة حول تأثير العائلة في القدرات المعرفية للفرد، وعلى الرغم من افتراضنا أن للعائلة عظيم الأثر في مستوى الذكاء الفردي فإن دراسات التوائم المتماثلة المعنية بقياس قدرات توأم متماثل نشأ كل منهما بمعزل عن الآخر أجمعت على ثلاث نقاط هي: للعائلة تأثير ضعيف في القدرات المعرفية بعد سن السابعة عشرة ويتلاشى تمامًا عند البلوغ، وحين تتلاشى تأثيرات العائلة تميل بيئتك الآنية إلى مطابقة قدراتك المعرفية الموروثة من الجينات في ما يعرف بالترابط الجيني البيئي، كما أن لعوامل الصدفة تأثيرًا في معدل الذكاء وتندرج تحت هذا التصنيف القرارات الشخصية والأحداث الحياتية غير المتوقعة، وتصنع عوامل الصدفة الفروقات الفردية بين بيئة المجموعات التي تمتلك معدل الذكاء نفسه.
وأظهرت دراسات التوأم تعارضًا مع الدراسات التي أُجريت على أطفال تم تبنيهم وتربيتهم في بيئة غنية معرفيًّا، إذ زاد ذكاء الأطفال بمعدل كبير بالرغم أن سنهم كانت قد تجاوزت الأربعة عشر عامًا، مما يثير مجددًا أسئلة من قبيل “هل للعائلة تأثير في أداء الطلاب في اختبارات الكفاءة المدرسية في سن السابعة عشرة وما بعدها؟ وهل يمكن للفرد زيادة قدراته؟”.
نلاحظ عند تحليل بيانات معدل ذكاء الطلاب من عامي ١٩٨٥ و٢٠٠١ أن الطلاب الذين يقعون أعلى المنحنى ويمتلكون المهارات العليا يتأثرون بشكل ضئيل ببيئة العائلة، أما الطلاب الواقعون أسفل أو أعلى الوسيط يتأثرون بمعدل ثلاث درجات من بيئة المنزل، بينما يكتسب الطلاب الأكثر ضعفًا معدل سبع درجات من بيئة المنزل، وذلك لأنها أعلى من قدراتهم المعرفية فتوفر لهم بيئة غنية معرفيًّا، ومن ثم يعتمد تأثير العائلة في سن السابعة عشرة على الجودة الوراثية.
توفر نتائج هذا التحليل نوعًا من الراحة، إذ تشير إلى أن تأثير العائلة يتلاشى مع البلوغ مما يمكّن الفرد من تحسين قدراته المعرفية من خلال تحسين بيئته الآنية واختياراته التي تمثل عوامل الصدفة، فعلى سبيل المثال، يمكن للشخص الذكي أن يخسر نقاطًا من معدل ذكائه حين وجوده في بيئة آنية ضعيفة معرفيًّا، وعلى العكس يمكن للأفراد أن يكتسبوا معدلًا أعلى حين يحسنون من بيئتهم الآنية.
الفكرة من كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
مع التقدم المعرفي الهائل والاختراعات المذهلة النابعة من عقول الأذكياء، وبالرغم من قدرتنا الحالية على إجابة عديد من الأسئلة المتعلقة بالبشر من الناحية البيولوجية أو النفسية، ما زلنا لا نمتلك تعريفًا واضحًا للذكاء، وما زال تقدمنا التكنولوجي قاصرًا على قياس هذه الملكة الفريدة المحاطة بالغموض أو الإحاطة بكل صفاتها.
هل يمكن وضع تعريف للذكاء؟ وهل نحن حصيلة الجينات التي ورثناها فقط؟ هل تُحدث العوامل كالعائلة والخبرات الحياتية فرقًا في مستوى الذكاء الفردي؟ وهل تعد تجاربنا الحياتية وقراراتنا الشخصية فريدة وذات تأثير في عمل عقولنا، أم أن الذكاء كالصفات الجينية الثابتة؟ يحاول كتابنا الإجابة عن كل هذه الأسئلة المثيرة وغيرها الكثير من خلال تحليل نتائج اختبارات الذكاء المختلفة على مدى فترات زمنية طويلة، كما يناقش نظريات الذكاء المختلفة وآلية عمل بعض اختبارات الذكاء المشهورة.
مؤلف كتاب هل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشريهل تجعلك عائلتك أذكى؟ الوراثة، البيئة وحدود الاستقلال البشري
جيمس آر فلين: هو فيلسوف وعالم نفس، ولد عام ١٩٣٤م في الولايات المتحدة، درس في جامعة شيكاغو وحصل على دكتوراه في الفلسفة، وهاجر إلى نيوزيلندا عام ١٩٦٣م حيث عمل مدرسًا للسياسة في جامعة أوتاجو، حصد عديدًا من الجوائز بسبب أعماله المتميزة في المجال البحثي المتعلق بالذكاء ومنها: ميدالية العلوم الإنسانية عام ٢٠١١م، وزمالة الجمعية الملكية في نيوزيلندا، له عديد من المؤلفات ومنها:
What is intelligence
Are we getting smarter
How To Improve Your Mind
معلومات عن المترجم:
أحمد الناصح: مترجم ومدون عراقي، من أعماله المترجمة:
صورة فوتوغرافية للرب.
أعظم فلاسفة غيروا العالم.