تأثير السياحة العربية في نقل الفنون
تأثير السياحة العربية في نقل الفنون
لقد كان للحضارة الإسلامية تأثيرٌ كبيرٌ في السياحة خصوصًا بين أَهْلِ المغرب، فنجد أبو عبيد الله البكري الرحالة المسلم الذي وُلد في مرسية، وكذلك الشريف الإدريسي ومحمد بن عبد الرحيم المازني، هذا غير الرحالة الشرقيين أمثال المسعودي والبيروني، وغيرهم ممن كان لهم أثرٌ كبيرٌ في الملاحة حتى إن ألفاظهم العربية أخذها الأوروبيون مثل Tare المأخوذة من طرح السفينة، وAmiral من أمير البحر، وArsenal من دار الصناعة، وغيرها من الكلمات العديدة، ولقد حاول العرب قياس محيط الكرة الأرضية في عهد الخليفة المأمون، كما أصلحوا التقويم السنوي على نحو دقيق في عهد السلطان ملك شاه.
وبالانتقال إلى الأدب، نجد تأثير الأدب العربي في شعر الأوروبيين ونثرهم منذ القرن الثالث عشر الميلادي بزعامة الأدب الأندلسي الذي كان له الفضل الأكبر في إثراء أوروبا أدبيًّا، وكان للتجارة في الشرق والشام ومصر كذلك أثر واضح، حتى إن بعض عباقرة الشعر الأوروبي قد نهلوا من موضوعات الأدب العربي، وأبرزهم بوكاشيو ودانتي وبترارك الإيطاليين وشوسر الإنجليزي وسرفانتس الإسباني.
ويشير العقاد إلى أن فنون التمثيل والتصوير لم يكن لها نصيب كبير في الحضارة العربية، لأن الإسلام لم يكن فيه محل للوسطاء بين الله والإنسان لأن الله كرَّم عباده، والمسجد لا يحتضن الصور والتماثيل، لذا لم يتسع لها المجال في الحضارة الإسلامية كما اتسع لها في أوروبا، ولم يمنع هذا ما تفوَّقت به الحضارة الإسلامية في فنون العمارة والبناء التي أخذوها من الفرس والروم والمصريين، ثم أضافوا إليها الروح العربية والإبداع.
الفكرة من كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
نظن نحنُ أمة الشرق الآن أننا أصبحنا في القاع، وإن تأكَّدت ظنوننا فإننا رغم ذلك لا ننظر إلى الحلول بقدرِ ما نتجادل في مشكلاتنا، والأعجب من ذلك أن الكثير منّا وصل به الحال إلى اتهام ما كان سببًا يومًا ما في انتشالنا من القاع بأنه هو سبب ما نحنُ فيه الآن.
إن الأمة التي تعلمُ ماضيها ستعرف كيف تُصلح حاضرها مهما ساء وضعه، ووجب علينا أن نعرف من نحنُ حقًّا وكيف أضاف أجدادُنا بصمةً في العلوم والفنون كانت هي حجر الأساس لكل ما وصل إليه العالم الآن.
مؤلف كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية
عباس محمود العقاد (1989-1964م): أديبٌ ومُفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ألَّف أكثر من مائة كتاب في شتى المجالات، أشهرها سلسلة العبقريات، والفلسفة القرآنية، وحياة قلم، ويُعد من أهم كتَّاب القرن العشرين في مصر.