تأثير الذكاء الاصطناعي في وظائف الصحفيين

تأثير الذكاء الاصطناعي في وظائف الصحفيين
إن توظيف الذكاء الاصطناعي في عالم الصحافة والإعلام قد أعاد تعريف مستقبل المهنة، إذ تمتلك أدوات التحرير الرقمية قدرات مذهلة في عملية التحرير والنشر، منها: تحليل البيانات، وتحويل النصوص إلى محتوًى آلي، واقتراح التحسينات، وتنظيم هيكل المقالة، وبإمكانها رصد الأخبار والبيانات والتحقق منها آليًّا لتحديد المعلومات المتسربة والتأكد من مصداقية الأخبار ودقتها دون اللجوء الى البحث اليدوي المتكرر. كما أصبح بإمكان الصحفيين إنتاج تقارير آليًّا من خلال تكنولوجيا تحليل البيانات، مما يقلل من فرص الخطأ البشري ويوفر الوقت والجهد، لكن عمل هذه التقنية يقتصر على تقارير معينة كالأخبار المالية والرياضية، فالذكاء الاصطناعي عاجز عن فهم المعاني الضمنية في القضايا السياسية أو الثقافية وتحليلها، فينتج تقارير جافة أو ناقصة.

كذلك يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاج والكفاءة، فهو يساعد الصحفيين على تحليل الأنماط والاتجاهات لاكتشاف القضايا المخفية التي لا تجدي معها الأساليب التقليدية، ويساعدهم أيضًا على إجراء التحقيقات الصعبة لتقديم قصص جذابة تشد انتباه القراء والمشاهدين، كما يتيح لهم استخدام الرسوم البيانية والخرائط وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزَّز لتسهيل وصول المحتوى الإخباري إلى الجماهير، ويمكن للصحفيين كذلك استخدام تقنية تحليل اللغة الطبيعية (NLP) لتلخيص المقالات أوتوماتيكيًّا، وإنشاء نصوص لغوية على النمط الذي يكتب به الصحفيون. وقد سهلت الوسائط الاجتماعية على الصحفيين التواصل مع الجماهير، وساعدتهم على تحليل مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات، لمتابعة الرأي العام ومعرفة نبض الشارع، والحصول على المعلومات الكافية عن الأحداث والقضايا الجارية، فيصبح بمقدورهم تخصيص المحتوى الصحفي، وتقديم تقارير مثيرة وحصرية.
هذه التقنيات الحديثة تثير مخاوف من حلول الروبوت محل الصحفيين البشريين، لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تعاونية تفتقر إلى اللمسة البشرية، فالمهارات التحليلية والنقدية التي يمتلكها الصحفي البشري، وقدرته على الامتزاج بالثقافات وفهم السياق الإنساني لا يمكن استبدال شيء بها، كما أن الذكاء الاصطناعي قد يتعرض لهجمات أمنية، أو يتأثر بالبيانات المُضَلّلة المُدخَلة فيه، فتخطئ الخوارزميات أو تتحيز، لذا يجب تدريب الصحفيين على طرائق التعامل مع الخوارزميات، والحفاظ على التدخل البشري في مراحل جمع المعلومات وتحليلها، وإعداد الأخبار وإنتاجها، حتى يتم نشرها.
الفكرة من كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
تعود بداية ظهور الصحافة الإلكترونية إلى أواخر الثمانينيات، بعد تطوير الشبكة العالمية WWW، ومع دخول الألفية الجديدة توجهت الصحف نحو الويب لنشر محتواها، ثم شهدت تغييرات جذرية مع ظهور المواقع الإخبارية على الإنترنت، ودخول الصحافة والإعلام عالم وسائل التواصل الاجتماعي. أدى هذا التطور الهائل إلى انتشار المعلومات بسرعة هائلة، وحصول القراء على الأخبار والتحديثات المستمرة في أي زمانٍ ومكان، كما أصبح في مقدورهم التفاعل مع المحتوى الصحفي من خلال التعليقات والمشاركة، وتبادل النقاشات والآراء مع الآخرين، وقد صاحب ذلك التطور ظهور عديد من التحديات، كانتهاك الخصوصية، وانتشار المعلومات الزائفة، والهيمنة الثقافية، والفقاعات المعلوماتية.
لذا يناقش الكتاب هذه التحديات، ويحاول إيجاد حلول مناسبة لها، كما يتناول أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال الصحافة، خصوصًا عند جمع البيانات وتحليلها، كما يتطرق إلى أخلاقيات مهنة الصحافة وأهميتها في العصر الرقمي الذي نعيشه الآن.
مؤلف كتاب الأخبار في عصر الآلة: كيف يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل الصحافة الإلكترونية؟
الدكتور خَالِد مُحمَّد غَازِي: حصل على الدكتوراه في الإعلام عام ٢٠٠٩، وهو كاتب وصحفي مصري، ورئيس تحرير وكالة الصحافة العربية، ورئيس تحرير جريدة صوت البلد الأسبوعية المستقلة، وحاصل على جائزة الدولة للإبداع عام 1996، من مؤلفاته:
صناعة الكذب: كيف نفهم الإعلام البديل.
ما بعد العولمة، صناعة الإعلام وتحول السلطة.
عقول خفية.. استراتيجيات الإعلام والحرب النفسية.