تأثير الجماعة

تأثير الجماعة
توجد مجموعة أخرى من أخطاء التفكير تتعلق بتأثير الجماعة، وتوضح ما إذا كان السير وراء الجماعة يجعلنا نفكر ونتصرف بشكل جيد أم لا، ودعونا نبدأ بما يُسمى العقل الجمعي، ويعني اجتماع مجموعة من الناس على طريقة التفكير والتصرف نفسها، وقد وُجد أن الفرد يتأثر كثيرًا بالعقل الجمعي، ففي إحدى التجارب عُرضت مجموعة من الخطوط المختلفة الطول، وعلى المشارك أن يحدد إذا كان أحد الخطوط أقصر أم أطول أم مساويًا للخطوط الأخرى، وفي بداية التجربة دخل كل فرد بمفرده وبالفعل حدد طول الخط بشكل صحيح، أما في المرحلة الثانية من التجربة فكان عدد من الباحثين يمثلون أنهم ضمن المشاركين وأجابوا جميعًا بأن الطول متساوٍ

والمفاجأة أن المشاركين الفعليين تأثروا كثيرًا بإجماع الباحثين وأجابوا هم أيضًا بتساوي الطول، رغم أنه لا توجد أي خطوط متساوية. وهذه التجربة أوضحت، بما لا يدع مجالًا للشك، كيف يمكن للعقل الجمعي أن يبتعد بالأفراد بعيدًا عن الصواب، والسبب تفضيل السير وراء القطيع لما يمنحه من شعور بالأمان والاندماج، ولذا تعتمد الدعاية على الميل إلى السير وراء القطيع وتستغله بصورة مثالية عندما تعلن أن منتجًا ما هو الأكثر مبيعًا أو المفضل لدى معظم الأمهات مثلًا، ولهذا في كل مرة تتبع الثقافة الغالبة استكشف هل تتبع الأمان أم الحقيقة، ومتى تأكدت من صحة شيء فالتزم به وعبر عنه ولا يثنِك عن طريق الحق أن تسير فيه وحدك.
بالإضافة إلى ذلك، الجماعة قد تجعلنا أكثر كسلًا، وهو ما يُسمى بالتكاسل الاجتماعي، فعندما يكون الفرد وحده يبذل مئة بالمئة من جهده ويتحمل المسؤولية كاملةً، أما عند مشاركة الفرد في مجموعة فيبدأ مجهوده في الانخفاض ويلقي بالمسؤولية على عاتق الآخرين، ويحدث ذلك بشكل خاص كلما زاد عدد المشاركين. ومن تأثيرات الجماعة أيضًا ما يُسمى مأساة المشاع، وتعني أنه في حال وجود أرض عامة مملوكة لعدد من الفلاحين، سيفكر كل فلاح في زيادة عدد أبقاره التي تأكل من الأرض، ويدعي بينه وبين نفسه أن أثر بقرة واحدة لن يشكل فرقًا مع الآخرين، لكن ماذا لو فكر كل فلاح بهذه الطريقة؟ ستتحمل الأرض عددًا أكبر من قدرتها، ومن ثم تتعرض للاستنزاف، وهذا يعكس الحرص على المصلحة الخاصة مع الاعتقاد بأنها لا تؤثر، لكن مع تفكير الجميع بالطريقة نفسها نجد شوارع غير نظيفة، وموارد مهدرة، ومستويات مرتفعة من التلوث، ويظل السؤال “هل فِعلي أنا هو الذي سيفسد الدنيا؟!”.
الفكرة من كتاب فن التفكير الواضح.. ٥٢ خطأ في التفكير يجب عليك تجنبها
هل تغريك لافتات الخصومات والأكثر مبيعًا؟ هل تقف حائرًا بين عشرات الأصناف المعروضة لمنتج واحد؟ وهل أعجبك أحد المنتجات فقط لأن ممثلك المفضل قد ظهر في إعلان له؟ وماذا عن الصمود أمام طعامك المفضل اللذيذ؟ هل تقاوم وتستمر على نظامك الغذائي أم سريعًا ما تنهار قواك؟ إذا كانت إجاباتك “نعم” فلا تقلق، فأنت واحد من البشر الذين يقعون دون وعي منهم في مجموعة كبيرة من أخطاء التفكير أو ما يسمى بالمغالطات المنطقية، وها نحن هنا لنستكشف هذه الأخطاء ونعزز وعينا تجاهها ونعرف كيف نتعامل معها، وبهذا نخطو خطوات واسعة للتحرر من هذه الأخطاء، وننعم بتفكير واضح دقيق.
مؤلف كتاب فن التفكير الواضح.. ٥٢ خطأ في التفكير يجب عليك تجنبها
رولف دوبلي: كاتب ورجل أعمال سويسري، حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة سانت جالن عام 1991، كما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الاقتصادية عام 1995، وهو المؤسس والراعي لمؤسسة زيورخ مايندس، وهي مجتمع يضم مجموعة من المفكرين والعلماء والفنانين ورجال الأعمال الأكثر شهرة وتميزًا حول العالم، وهو أيضًا أحد مؤسسي جيت أبستراكت، أكبر ناشر للمعرفة في العالم. ومن مؤلفاته:
The Art of Thinking Clearly
The Art of the Good Life: Clear Thinking for Business and a Better Life
Stop Reading the News: A Manifesto for a Happier, Calmer and Wiser Life
معلومات عن المترجمة:
نيرمين الشرقاوي: حاصلة على درجة الدكتوراه من كلية الألسن بجامعة عين شمس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف عام ٢٠٠٩م، وتعمل في تدريس الأدب الألماني والحضارة والترجمة بقسم اللغة الألمانية جامعة عين شمس بالقاهرة، كما حصلت على عديد من المنح العلمية من قبل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي، وتعاونت مع المركز الثقافي الألماني -معهد جوته- في ترجمة عديد من الأعمال، ومن ترجماتها:
تأثير اللوتس.
أبطال خارقون.
قبل زيادة العلامات.