تأثير البيئة في تفضيلاتنا
تأثير البيئة في تفضيلاتنا
بعد أن تمكنا من معرفة التفضيلات الشخصية للأفراد، هل يمكننا معرفة لماذا يفضلونها؟ لمَ يختلف طفلان من البيت نفسه في تشجيع الفرق الرياضية؟ الإجابة في دراسة بيانات مشجعي لعبة البيسبول والسلة، فقد لاحظت الدراسة أن الأطفال من سن الخامسة وحتى الخامسة عشر يشجعون الفرق الفائزة بالأحداث الرياضية الكبرى في تلك الفترة ويكملون تشجيعها طوال حياتهم، وبالنسبة إلى الميول السياسية فالأمر سيان، فسواء كنت ليبراليًّا أو محافظًا فإن الأمر له علاقة بأحداث البيئة السياسية الفاصلة في عمرك من الأربعة عشر إلى الرابعة والعشرين عامًا.
فما دام للبيئة تأثير كبير في توجهاتنا وميولنا المختلفة، فهل تؤثر أيضًا في عدد الفرص المتاحة أمامنا؟ اكتشفت دراسة أمريكية أن المناطق ذات التعليم المرتفع وبها عدد كبير من المتدينين والعائلات المتماسكة، تزيد فيها إمكانية الارتقاء الاجتماعي لأبناء الطبقة الوسطى والدنيا، كما أن الفقراء المجاورين للأغنياء يعيشون لعدد سنين أكثر من الفقراء البعيدين عن الأغنياء، لماذا؟ تشير بعض التخمينات إلى العدوى، فالفقراء يقلدون أسلوب حياة الأغنياء المجاورين لهم، يأكلون جيدًا ويمارسون الرياضة ويحصلون على خدمات أفضل من أقرانهم البعيدين عن المناطق التي يسكنها الأغنياء.
وعلى الرغم من اختلاف البيئات فإن الحوامل في جميع الثقافات يهتممن بالبحث عن أشياء متقاربة، كالفاكهة والشوكولاتة والتوابل الحارة والمثلجات، ولكن مخاوفهن تختلف لاختلاف الثقافات، فهناك ثقافة تمثل بها زيادة الوزن كارثة، بينما أخرى تزدري الخمول والكسل اللذين يصيبان الحوامل كما ينفرون منهن جسديًّا.
الفكرة من كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
“الخوارزميات تعرف عنك ما لا تعرفه عن نفسك”، عبارة قالها أحد علماء البيانات السابقين، فلماذا يَعتقد ذلك؟ يَعتقد ذلك بسبب أن الخوارزميات تتعامل مع كل البيانات التي ننتجها في أثناء تفاعلنا مع الإنترنت، كل موقع ندخله، وكل صورة نعجب بها، وحتى كل النقرات مسجلة، وعلى عكسنا، فالبيانات لا تستطيع الكذب وإخفاء الحقائق، فما تبحث عنه في جوجل وما تعجب به في فيسبوك يعبر عنك بشكل أكبر مما تعتقد.
مما يجعلنا نطرح الأسئلة الآتية، لماذا ازداد الاهتمام بالبيانات في عصرنا الرقمي؟ وإلى أي مدًى يمكن أن تكشف لنا خبايا أنفسنا؟ وما رأي بياناتنا في مشكلات العنصرية والكراهية والتحيز والعنف؟ وهل يمكن تخيل عالم يحكم على الأفراد بالكفاءة الوظيفية إذا كانوا يحبون البيتزا؟ سنغوص في أعماق الزوايا التي لم يبحث فيها أحد ونجيب عن تلك الأسئلة ونفهم المزيد عن عالمنا.
مؤلف كتاب الكل يكذب: البيانات الضخمة والبيانات الحديثة وقدرة الإنترنت على كشف الخفايا
سيث ستيفنز – دافيدوتس: عالم بيانات واقتصادي أمريكي ولد في سبتمبر عام 1982م، ألف عدة مقالات في نيويورك تايمز كما قدم بعض المحاضرات في جامعة بنسيلفينيا، حصل على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة ستانفورد، ثم حصل على دكتوراه في الاقتصاد بجامعة هارفارد بعام 2013م، ألف كتابًا آخر بعنوان:
– لا تثق في حدسك: استخدام البيانات للحصول على ما تريده حقًّا في الحياة.
معلومات عن المترجم:
أحمد الأحمري: مترجم وكاتب سعودي الجنسية، يعمل عضوًا في هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود، وترجم كتاب:
– التطور الثقافي في العصر الرقمي.