بين نجيب وزملائه
بين نجيب وزملائه
طرحت بعض الأسماء لمن يمكن أن يخلف علي ماهر في الوزارة، ومنها سليمان حافظ نفسه ولكنه رفض واقترح أن يتولَّى محمد نجيب رئاسة الحكومة مع تولِّيه قيادة الثورة في نفس الوقت لتسهيل التعاون بين الهيئتين، وذلك لظنِّه أن نجيب كان قائدًا للحركة وأن باقي الأعضاء يصطفون تحت لوائه.
وقد رفض قادة الحركة هذا الأمر في البداية لعهد أخذوه على أنفسهم وزملائهم أن يبقوا على حالهم في الجيش، ولكن ما لبثوا أن قبلوا الاقتراح وتولى نجيب رئاسة الوزارة، وشعر سليمان بالأمل وأخذ في العمل على شرعنة أعمال الثورة عن طريق سنِّ وتعديل القوانين، ومنها قانون تنظيم الحياة السياسية الذي اعتبر الأحزاب منحلَّة منذ صدوره على أن يعاد تأسيسها وفق شروط معينة.
ولكن سرعان ما تلاشى هذا الأمل شيئًا فشيئًا مع اندلاع الخلافات بين محمد نجيب والوزراء من جهة وجمال عبد الناصر وزملائه من جهة أخرى، وحاول السنهوري وسليمان حافظ حل هذه الخلافات عن طريق لجنة مشتركة بين الوزراء ومجلس القيادة لتنسيق التعاون بين الفريقين ولكن لم تنجح هذه الصيغة في إزالة الخلاف.
وشعر سليمان أن الخلاف بين الفريقين يرجع إلى شعور كليهما بأن الآخر ينازعه السلطة، وسعى سليمان وزملاؤه في محاولة حل هذه المعضلة عن طريق تحديد اختصاص كل فريق ولكن باءت محاولاتهم بالفشل، فانصرف همه إلى محاولة تعجيل إنجاز الدستور لإنهاء هذه الفترة المؤقتة بأقل الخسائر.
وتلا ذلك استقالة نجيب ثم عودته وتطوَّرت الأحداث إلى ما هو معروف، وعندها شعر سليمان حافظ أنه يتم تهميشه فآثر الاستقالة والعودة إلى حياته الخاصة.
الفكرة من كتاب ذكرياتي عن الثورة
دائمًا ما يُنظر في التاريخ إلى من يتصدَّرون المشهد في الأحداث الكبرى، وفي هذه الفترة الحرجة في تاريخ مصر -ثورة يوليو- كانت هذه العناية في النظر التاريخي من نصيب الضباط الأحرار بشكل أساسي ومن اشتبك معهم بدرجة أقل.
وممن أُغْفِل دورهم في هذه الفترة هو سليمان حافظ خبير القانون الذي حمل على عاتقه صبغ أعمال الثورة وتصرفات الضباط الشباب بالشرعية القانونية، بالإضافة إلى ما أنيط به من مهام محورية في أحداث الثورة وما أعقبها من تحديات، ومن هذه المهام مشاركته في كتابة وثيقة تنازل الملك فاروق عن العرش وحملها إليه لتوقيعها. وفي هذه المذكرات، يُطلعنا سليمان حافظ على بعض أحداث هذه الفترة العصيبة عن قرب، ويعرض فيها مواقفه وآراءه ليحاسب نفسه أولًا ثم ليحاسبه التاريخ.
مؤلف كتاب ذكرياتي عن الثورة
سليمان حافظ علي: نائب رئيس مجلس الدولة المصري عند قيام ثورة 23 يوليو، وُلد بالإسكندرية عام 1896، وحصل على ليسانس الحقوق من الجامعة المصرية عام 1920.
عمل في بداية حياته في المحاماة قبل أن يدخل السلك القضائي، ثم انتقل إلى مجلس الدولة عام 1949، وتولَّى مناصب مهمَّة إبَّان الثورة منها المستشار القانوني لرئاسة مجلس الوزراء في وزارة على ماهر، ونائب لمحمد نجيب في وزارته ووزير للداخلية، كما تم ترشيحه لتشكيل الوزارة خلفًا لعلي ماهر ولكنه رفض.